رحل عن عالمنا، صباح اليوم الأربعاء، الشاعر إسماعيل عقاب، عن عمر يناهز الــ 71 عامًا بعد صراع مع المرض.
وإسماعيل عقاب حصل على الجائزة الأولى في مسابقة إبداع، ومهرجان مسرح الثقافة الجماهيرية، وجائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري، وشهادة تقدير من مهرجان الشعر اليونانى.
ومن قصائده:
من حكايات المغنّي
جرِّد حُسامك واستوثق به .. يدرأْ
واهمز جوادك.. واستنفره.. لا يهدأْ
أشعل حروف الأماني في الخطى لهباً
وانذر دماك لها.. تذكى ولا تُطْفَأْ
فما أزال... وحلمي لا يفارقنى..
يلوح لي مرفأ... لو فاتني مَرْفأ
الصخر فوق ضلوعي والهجير كَوَى
وجهي.. وما اهتز إيماني ولم أصبأ
ولم أزل مُزنة في الأفق
لو أنزلت غيثها .. فالأرض لا تظمأ
أنا المغني .. ومن إلاّك يسمعني
فللربابة لحن ... للهوى مُرجأ
وأنتِ أرضي التي أسعى لجنتها
وخطوة البدء .. لو للمنتهى أبدأ
وليس غيرُك وحي.. عندما أُنبأ
وأنت مسطور إلهامي الذي أقرأ
وأنت كل الذي قد ضاع.. يا وطنا
في كل رابية.. جرحي الذي ينكأ
وجهي إليك وسيفي لا ينازله
سيف.. ومهري إذا ما كرَّ لا يعبأ
وعشقِ من جُزِّئَتْ في كل منعطف
غداً أطول بسيفي نحر من جزَّأ
أضم أشلاءها صدري وأُنبتها
منَّاحة للجَنَى... تغري بما تشطأ
الطائر البيروتي يحترق
يا من لِذِكْرِكَ ـ شق قلبي أضلعهْ
وأباح جرحي للندى ومضى معهْ
فاخضوضرت بين الطلول مواسمي
لما دمي المطلول أدرك منبعه
أنا لست أشكو من جراحي ... إنما
يا ليت جرّاحي يطهّر مِبضعه
تصبو الجوارح للجراح ... وتنتشي
وتثير في الجرح البليد توجُّعه
حتى إذا جاء المساء .. سرتْ به
حمى التشوق.. كي تؤرق مضجعه
فأصوغ أناتي قصيدة موجع
تسري إلى أرض الحبيب مروّعه
فيعود يخطر في سمائي نجمة
ليعيد للأفق السنا ويُضوّعه
وإذا المغني عاد يحضن عوده
والعود أغرى بالترنم إصبعه
فتحنّ أسراب الطيور لصوته
وتعود تهفو للغصون مسجّعه
لكنها الأحزان ترصُد خطوتي
وتحوم حولي في الدروب مقنّعه
يا من رحلت ... ولم يزل قلبي معه
وتركتني للذكريات الموجعه
شوقي ... وطيفك في المساء تراقصا
وتبادلا كأس الهموم المترعه
والعش مهجور ينوء بوحشة
والطير من عنف الرياح مصوّعه
يا رحلة الحلم الجميل... وشطّه
إني ببحرك قد فردت الأشرعه
لا لن تضيع ... ولن تضلَّ مراكبي
فأنا أراك على الحدود الأربعه
يا نيل.. يوماً قد أتاك بشوقه
وأذاب ـ عشقاً ـ في مياهك أدمعه
ولكم شكا في بعده وجعا ولم
تسمع له .. فأتى إليك لتسمعه
وأتى يقدمُ للهوى قربانه
وتوسَّلت نبضاتُه متضرّعه
أن تحفظ السر الذي أفضي به
عند الأصيل.. لضفتيك وأودعه
وإذا نأى عن ضفتيك لروضه
ونأت به أوطانه أن ترجعه
يا من رحلت.. وكيف قلبي ودعه
فأضاعني.. هذا الرحيل وضيعه
فالموت يمشي في الدروب مخاتلا
في أي درب.. قد يواجه مصرعه
فالكرْز من لفح الحريق مجامر
والأرز أضحى كالسهام المشرعه
والكرم يُسقى من دماء طيوره
والنار تُعول في الضياع مجوَّعه
والنيل فاضت بالضفاف مياهه
وحبيبه ظَمِئٌ... يقطِّر أدمعه
ما غاثه في محنة أودت به
أو صان عهد محبة.. أو أرجعه
يا لائماً... إني كمثلك إمّعه
يا ضائعاً.. وأنا الذي قد ضيّعه