استضاف المركز القومى للترجمة، المستشرق الفرنسى هنرى لورنس، للحديث حول كتابه "مسألة فلسطين"، بمشاركة المؤرخ والمترجم المصرى بشير السباعى، وهو الذى عكف على ترجمة الكتاب للعربية، وأدار الجلسة الدكتور أنور مغيث مدير المركز القومى للترجمة، بحضور نخبة من السياسيين والباحثين والمهتمين فى الشأن العربى والدولى.
وحول السبب وراء دراسته لقضية فلسطين، قال البروفيسور هنرى لورنس، بما إننى مهتم بلحظات اللقاء بين العالمين العالم العربى والإسلامى بالغرب وأوروبا، بدت لى فلسطين لحظة مهمة فى هذا اللقاء، لذلك انتقلت لدراسة هذه المسألة، كما أننى أثناء دراستى عن الحملة الفرنسية على مصر رأيت أن نابليون كان يخطط لمشروع إقامة دولة يهودية فى فلسطين.
وتحدث لورنس فى المجلد الأول عن التحولات التى تمت فى فلسطين خلال القرن التاسع عشر والذى جاء بعنوان اختراع الأراضى المقدسة 1799-1922، ثم انتقل لرصد بداية التفاعل السياسى مع بداية الحركة الصهيونية، ومن ثم تاريخ الحرب العالمية الأولى والسنوات التى تلتها مباشرة، فيما تحدث فى المجلد الثانى حول تاريخ الانتداب البريطانى (1922 وحتى 1947)، أما المجلد الثالث فتناول التطور منذ عام 1947 إلى عام 1967 والذى جاء بعنوان تحقق النبؤات، ثم منذ عام 1967 إلى عام 1982 تحت عنوان غصن الزيتون وبندقية المقاتل، والأخير منذ عام 1982 حتى ما قبل أحداث 11 سبتمبر 2001 بعنوان السلام المستحيل.
وفى مستعرض حديثة أكد أن الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات كان يتجنب حدوث حرب أهلية بين الفلسطينيين، مشيراً إلى أن ذلك حدث بالفعل بعد وفاته.
من جانبه، قال المترجم بشير السباعى، ما دفعنى إلى ترجمة هذا الكتاب أنه ليس مجرد تاريخ مسألة فلسطين خلال مائتى عام، وإنما هو تاريخ المنطقة بأكملها، مضيفا مسألة فلسطين تشكل البؤرة التى يتم من خلالها رصد تاريخ العلاقات الدولية والتاريخ الدبلوماسى.
وأشار المترجم بشير السباعى، إلى أن البروفيسور لورنس قدم مقاربة غير تقليدية محورها هو الصراع بين الإمبراطورية وأعدائها، فيما اعتبر عمل لورانس جامعاً ما بين التفاصيل والتحليل، وهذا التوازن ذو أهمية عظيمة جداً فى النظر إلى الأمور، مضيفا لاشك أننا فى عالمنا العربى مدينون بهذا الإنجاز للبروفيسور لورنس، ويجب التفكير بأنه ما من مؤرخ عربى أقدم على محاولة كهذه حتى الآن، وفى حقل الكتابة التاريخية الفرنسية هذا العمل يعد أضخم عمل خلال السنوات المائة الأخيرة حول موضوع واحد فى حقل الكتابة التاريخية.
المستشرق الفرنسى هنرى لورنس يشغل منصب أستاذ تاريخ العالم العربى فى (كولاج دو فرانس)، يحاول فى كتاباته عن الشرق أن يبحث عن معرفة الأخر، وقد تعلم العربية لإكمال دراسته العليا، ولكن تعلمه العربية قوى فى نفسه نزعة البحث التاريخى عن طبيعة العلاقات بين الشرق والغرب، ونراه يعود إلى الأعوام الأولى لتكون هذه العلاقات فى القرنى السابع والثامن عشر لادراك الدوافع والأهداف التى حملت الفرنسيين الى التطلع نحو الشرق.
له عدد كبير من المؤلفات تناولت العالم العربى والاسلامى فى حقبات تاريخية مختلفة، نذكر منها الكتاب الهام (أوروبا والعالم الاسلامى:تاريخ بلا أساطير)والتى صدرت ترجمته عن المركز القومى بالقاهرة، "الامبراطورية وأعداؤها، السلام والحرب فى الشرق الأوسط، الشرق العربى فى عهد الهيمنة الأمريكية، بونابرت بين الإسلام والدولة اليهودية، الأصول الفكرية للحملة الفرنسية على مصر:الاستشراق المتأسلم فى فرنسا".