أعلنت جائزة الشيخ زايد للكتاب، اليوم الأحد، عن القائمة القصيرة لفرعى الآداب وأدب الطفل لدورتها الحادية عشر ( 2016-2017). وفيما يلى يقدم "انفراد" للقراء عرضا مختصرا للروايات التى ضمتها القائمة القصيرة فى فرع الآداب هى: وهى رواية "ألواح" للكاتب اللبنانى رشيد الضعيف (2016) ورواية "خريف البراءة" للكاتب اللبنانى عباس بيضون (2016)، وكلتاهما صادر عن دار الساقى، أما الرواية الثالثة فهى "فى فمى لؤلؤة" للكاتبة الإماراتية ميسون صقر (2016) ومن إصدارات الدار المصرية اللبنانية (2016).
"ألواح" للكاتب اللبنانى رشيد الضعيف
جاءت رواية "ألواح" أقرب ما يكون إلى سيرة ذاتية منها إلى رواية، حافلةً بموضوع أثير عند الكاتب اللبنانى رشيد الضعيف وهو الكشف عن أمور- منها الجنسى ومنها الاجتماعي- قد يسبب الكشف عنها خجلاً عند الآخرين. فيقول رشيد الضعيف- على غلاف الكتاب- عن تاريخ مولده: "انفجاران حدثا فى الوقت نفسه فى 6 آب (أغسطس) 1945: انفجار القنبلة الذرية التى ألقيت على هيروشيما وانفجار رحم ياسمين (والدة الكاتب) فولدت رشيد".
تقع رواية "ألواح" فى 159 صفحة من القطع المتوسطة القطع، يبدأها الكاتب اللبنانى بالحديث عن فترة مبكرة من عمره، ناقلاً القارئ خطوة خطوة إلى بعض أحداث حياته وحياة عائلته. وعندما يصبح بطل الرواية رجلاً ينتقى الكاتب مراحل ومحطات مهمة من حياته ليرويها، مثل: إصابته بشظية خلال الحرب اللبنانية، انتقاله إلى باريس من أجل فتاة أحبها وصولاً إلى خاتمة الرواية، واصفاً كيف توقف بعد سنة 1975- التى نشبت فيها الحرب الأهلية- عن النضالات الحزبية اليسارية التى كان يقوم بها.
ففى بداية الرواية، يروى الكاتب عن أيامه عندما كان صبياً، وعن عائلته الفقيرة، كما يتحدث أيضاً عن ليال دافئة كانت تمضيها العائلة الكبيرة فى بيتها الصغير الضيق، كما يحكى قصصاً عديدة عن "سادية" كانت تتحكم فى رفاقه وفيه، تتجسد فى لذتهم بتعذيب الحيوانات الضعيفة والحشرات والطيور، كما يتكلم عن الحزازات العائلية وعن الروابط العائلية كما كانت تبدو له يوم ذاك.
وتحت عنوان هو "مهنة والدى" يقول الضعيف: "كنت دائما أعجب ولا أزال أن تكون مهنة والدى الحلاقة.. أقول ذلك لأن والدى لم يكن أنيقا ولا مهتماً بالموضة.. ولا محدثاً لبقاً ولا ثرثاراً ولم يكن نظيفاً نظافة حلاق كان يتحمم مرة فى الشهر أو مرتين حين يشتد الحر فى الصيف.. خلق والدى ليكون مزارعا ثم مات باكرا فى التاسعة والخمسين من العمر (أنا الآن أكبر منه بإحدى عشرة سنة)".
وفى مكان آخر يتحدث الكاتب اللبنانى عن والدته الطاهرة بعد أن توفى والده، إذ رآها مرة خلسة وهى فى حالة نشوة خاصة.
ويضع رشيد الضعيف تعريفا للكتابة- تحت عنوان هو "الكتابة والعلاج"- فيقول: "قد تكون الكتابة نوعاً من العلاج للازمات النفسية التى يعانيها الكاتب.. وقد تكون الكتابة شهادة وقد تكون صرخة.. وقد تكون فعل إذلال للنفس أو فعلاً مجانياً أو تمريناً على شيء ما."
تجدر الإشارة إلى أن رشيد الضعيف أستاذ جامعي، ولد فى 6 أغسطس 1945 فى بلدة إهدن الشمالية بلبنان. كتب الشعر والرواية. وترجمت أعماله الروائية إلى عدة لغات أجنبية ومن هذه الأعمال: "تصطفل ميريل ستريب" و"عودة الألمانى إلى رشده" و"أوكى مع السلامة" و"ليرنينج انجليش" و"ناحية البراءة" وغيرها.
- "خريف البراءة" للكاتب اللبنانى عباس بيضون
يعتبر الشاعر اللبنانى عباس بيضون واحدا من الشعراء الذين خاضوا تجربة الكتابة السردية ونجحوا فيها. وقد بنا بيضون روايته "خريف البراءة" على فكرة "الجريمة" كمشكل رئيسى من المشكلات السردية، فالحكاية التى يرويها الشاب "غسان"- بطل الرواية- ما هى إلا حكاية أمه التى خنقها والده وهرب إلى سوريا (درعا) ليلتحق بجماعة مسلحة هناك، ويبقى الطفل اليتيم يعيش تراجيديا الفقد، حاملا وزر جريمة والد وتهمة أم متهمة سرا بالخطيئة.
ومع تتابع الأحداث يشعر القارئ بما يتعرض له "غسان" من التمييز والتهميش والقمع من قبل المجتمع، حتى يعود والده الجانى "مسعود" بعد ١٨ سنة مجرما أكثر من العادة، راغباً فى تصفية حسابه مع الجميع؛ فيفتح بوابات الرعب على البلدة بتصفية معارضيه، مما يضطر ابنه إلى التفكير فى تصفيته بعد أن وصل بطش والده وجرائمه إلى رقبة صديقه، وقد بدأ مسيرته الدموية بخنق أمه.
يعيش "غسان" حياته كلها فى خريف ممتد، فهو "ابن الجريمة" المسلوب والمنبوذ، أو كما يصفه الكاتب على لسان "سارة"- أحد شخوص رواية "خريف البراءة" ابنة خال غسان-:" لن يؤمن له أحد لأنه ابن قاتل، لن تحبه امرأة لأنه ابن قاتل، لن يتحمل فقط جريمة أبيه، وإنما أيضا سمعة أمه التى تلطخت بدمها. هو أيضا لن يثق بأحد، ولن يحب ولن يكره، فليس من حقه أن يدين ولا أن يؤيد، إنهما حقا بشر عاديين، أما هو فليس له أى حق، وإذا تكلم مثل الآخرين فسيبدو مغتصب حقوق وسيبدو حتى فى هذا ابن قتلة".
"فى فمى لؤلؤة" للكاتبة الإماراتية ميسون صقر
يضع بعض النقاد رواية "فى فمى لؤلؤة" للكاتبة الإماراتية ميسون صقر، الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية (2016)، ضمن الروايات الملحمية، حيث تقع الرواية فى 600 صفحة من القطع المتوسط، ترصد خلالها أقدارًا ومصائر لأجيال فى أزمنة متعددة متداخلة.
بطلة الرواية هى "شمسة" إماراتية الأصل تعيش فى القاهرة وتدرس فى جامعة القاهرة على يد أستاذ جامعى "عز الدين"، الذى تشعر نحوه بشىء ما، رغم فشلها فى تجربة سابقة مع زميلها "سامح" ضيق الأفق أصولى النزعة، تختلف مع أستاذها حول موضوع بحثها فى دراستها العليا، فتنصرف عن توجيهاته وتلبى نداء نداهة البحث وشغف الكتابة ليدفعاها إلى تحد اختياراته والذهاب إلى منبتها فى الخليج حيث الحنين إلى "تاريخ من الجمال والغبن والوجع" وحكايات الجدة عن ظلمة البحر والجثث المدفونة فيه وعن الغطس واللآلئ والمحار والمراكب والصيادين، لتبدأ مغامرتها هناك فى حراسة صديقتها المصرية التى ترافقها خوفا عليها "مروة" ومساعدة "سالم" المخرج الإماراتى الذى يسعى لتكوين جماعة للفن البصرى، حيث يزورها هناك فى فندق إقامتها "مرهون" البطل ذو المسحة الأسطورية أو "حفار القبور" فى مشهد تهيمن عليه الهلوسة، حاملا لها رسالة أو نصيحة بالإقدام بلا خوف أو شك على ما ترغب فى فعله، قبل أن تراه مرة أخرى فى رسائل "وليم " الرحالة/الجاسوس فى مركز المخطوطات والذى تفتح وعيها على عوالم سحرية فيها " مرهون وآمنة ومسعود وغانم و خلفان والنوخذة والسعيد والسيب والشحى والخيام والبحر والغطس والصيادين والمحار " لتلتقط أطراف الماضى البعيد وتبدأ فى نسج الحكاية وتكمل فراغاتها بوسائل مختلفة من وثائق وزيارات لمواقع أثرية كالحصن القديم "قصر الحاكم "، لتسير الرواية فى خطين زمنيين وعالمين هما الحاضر والماضى.
وكما يقول الشاعر جمال فتحي، فى قراءة لرواية "فى فمى لؤلؤة"، نشرت فى انفراد: أن (السرد جاء بطول الرواية كنهر يجرى بإيقاع منتظم موجاته متتابعة بعضها هادئ لطيف وبعضها كالإعصار كاد يغرق القارئ فى دوامة الإثارة والفضول والشغف، فى حين قامت الكاتبة بتوظيف عددا من النصوص الموروثة المدونة والشفاهية على اختلاف أشكالها من الشعر والأمثال والأقوال المأثورة للفلاسفة والحكماء والنصوص المقدسة من القرآن والإنجيل والعهد القديم فجعلتها فى افتتاحيات المغاصات " الفصول " جعلتها شطآن لنهر السرد، تحازى الرؤية وتحدد لها مجراها وتساعد القارئ الذى يجنح به التيار على الإبحار مجددا فى اتجاه الرؤية/ المصب ومن هذه النصوص الكثير مما يتعلق باللآلئ ودلالاتها ورمزيتها: كتصديرها للفصل الأول ص9 " تحصيل الحكمة خير من اللآلئ " العهد القديم إصحاح أيوب.. وكذلك قول الحكيم " يوجد ذهب ولآلئ، أما شفاه المعرفة فمتاع ثمين " ص7، " وقد شبه الرب يسوع المسيح ملكوت السماء بلؤلؤة واحدة كثيرة الثمن " متى 231).