أنهى المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب اجتماعه الذى عقد بالعاصمة الجزائرية على مدى أربعة أيام، حيث ترأسه الشاعر الكبير حبيب الصايغ الأمين العام للاتحاد العام، وعقد تحت رعاية الرئيس الجزائرى عبد العزيز بو تفليقة، وبحضور وزير الثقافة الجزائرى الشاعر الكبير عز الدين ميهوبى، الذى شغل سابقًا منصب رئيس اتحاد الكتاب الجزائريين، ورئيس الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب بين عامى 2003 و2006، كما حضره سفير دولة الإمارات العربية فى الجزائر أحمد الميل الزعابى، وكذلك مجموعة من السفراء بينهم سفراء المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين وسلطنة عمان وفلسطين ورومانيا.
ألقيت فى الافتتاح كلمة رئيس اتحاد الكتاب الجزائريين الشاعر يوسف شقرة، وكلمة الأمين العام للاتحاد، وكلمة الوفود ألقاها سعيد الصقلاوى رئيس الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، إلى جانب كلمة وزير الثقافة.
وشهد الحفل توزيع الجوائز التى يمنحها الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب سنويًّا، وهى: جائزة القدس للشاعر والكاتب الكويتى الدكتور خليفة الوقيان، والمترجم والناشط الرومانى جورج جريجورى، وهو تقليد يتم للمرة الأولى، حيث تمنح الجائزة لكاتبين أحدهما أجنبى، ومنح درع جائرة عرب ١٩٤٨ للشاعر الفلسطينى سليمان دغش، وهو كذلك أول فائز بها، كما تم منح درع الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب للأردنى ليث شبيلات، لدفاعه عن الحقوق العامة والحريات فى الوطن العربى للمرة الأولى كذلك.
وصاحبت أيام الاجتماعات ندوة فكرية بعنوان "تجليات أدب المقاومة فى الأدب العربى المعاصر" عقدت لها خمس جلسات، شارك فيها باحثون من مختلف البلدان العربية، إضافة إلى مشاركة لافتة من باحثى الجزائر.
ميهوبى: ضرورة الاهتمام باللغة العربية وبالأجانب الذين يكتبون بها
فى الكلمة التى ألقاها الشاعر عز الدين ميهوبى وزير الثقافة الجزائرى رحب بالأدباء والكتاب العرب على أرض الجزائر بلد المليون شهيد، وأشاد بقرار ضم مجلس أندية الأدب السعودية إلى الاتحاد العام، ذاكرًا أنه مطلب قديم يمتد لعشرين عامًا فائتة، وقد نجح حبيب الصايغ أمينه الحالى فى تحقيقه، كما شدد على أهمية التعليم فى تنمية المجتمعات العربية، حيث لا تقدم اقتصادى واجتماعى وسياسى وتقنى دون تطوير التعليم، كما تحدث عن أهمية الاهتمام باللغة العربية، واقترح على الاتحاد العام الاهتمام بالكتاب الأجانب الذين يكتبون باللغة العربية، وبالمتعاطفين مع القضايا العربية بوجه عام.
الصايغ: احترام الاختلاف ومواجهة تيارات الظلام والإرهاب والطائفية باليقظة والتنوير
وقال الشاعر حبيب الصايغ فى كلمته: قبل لقائنا فى مؤتمرنا السادس والعشرين فى أبوظبى أقصى المشرق العربى، التقينا فى طنجة أقصى المغرب، ثم عدنا إلى دبى المحبة واللقاء، وها نحن نلتقى اليوم فى الجزائر الحبيبة، بلد الشهداء من أجل الحرية، حرية الإنسان فى مطلق المعنى، وحرية المعنى إذ يتحقق فيحقق للحياة حياتها، ليست إلا رغبة الكتاب العرب فى فعل إيجابى يتجاوز واقع الحصار والعزلة، حيث الكتابة النقيض الأزلى للكآبة، وحيث الجزائر –المدينة والوطن- تقول بعض سر عبقريتها من جديد، الحرية شوق تناوله المهج المهجّ، وليس من بعد على مرور الأيام والأعوام، إلا اللقاء الرمز يطرحه الأدباء والكتاب العرب طريق إخلاص وخلاص، وأنموذج حياة وطن ومجتمع.
وفيما أخذت أوطاننا العربية، نتيجة الظروف المعلومة، تضيق علينا، ها هى الجزائر تضمنا فى مقدم اشتغالاتها ومشاغلها، فتلم الشمل مشتملة على شمائلها، ها نحن نعقد على أرضها الغالية، وبرعاية كريمة من فخامة الرئيس عبد العزيز بو تفليقة، اجتماعات الدورة الجديدة للمكتب الدائم، مع ما يرافقها من نشاط مصاحب نوعي: ندوة تجليات ثقافة المقاومة فى إبداع العرب، التى تتشرف باسم الخالد مفدى زكريا، شاعر الثورة الجزائرية الخالدة، وأمسيتين شعريتين يتوقع أن تمثلا راهن المشهد الشعرى العربى.
وتابع الصايغ، ربما حق لنا ونحن نفتتح اجتماعاتنا التركيز على دور الكاتب والمثقف العربى إزاء ما حدث ويحدث، لا نجاة إلا باعتبار الوعى والمسئولية، وليس من أمل إلا بتحقيق التواصل الشعبى بين أبناء الأمة الواحدة بعد الخيبات المتواصلة على معظم الصعد الرسمية، القصد أن نتداخل فى شأننا القومى والوطنى تدخل الواعى بالتجربة، وبحجم الخسارات والمرارات خصوصًا، وبحجم التطلعات والإمكانات خصوصًا، نعم لنا لعبة الكتابة والإبداع وعلينا تحقيق أقصى درجات الإتقان ونحن نكتب، نعم علينا التمسك بالفن كما نتمسك بالعقل والجنون، نعم علينا الانصراف إلى معاقرة الهوى كما لو كانت دم المدمن الواجد أو ندم العاشق الفاقد، نعم علينا الدخول فى اللغة دخول الفاتحين المغامرين ولا نبالى، ولكن علينا مع ذلك وقبله وبعده، أن نشتغل بالسياسة على طريقتنا، وأن نحقق ما لم يحققه وما لا يحققه الساسة: الاختلاف الأصل وليس الاتفاق، ومن هنا نبدأ. لنذهب فى الاختلاف أبعد، ولنحب بعضنا بعضًا أكثر كلما اختلفنا أكثر. لا تغيير إلا بهذه الأداة السحرية يا قبيلة الأدباء والكتاب العرب.. احترام الاختلاف واستيعاب التعدد، ثم مواجهة تيارات الظلام والإرهاب والتكفير والطائفية والكراهية باليقظة والفكر والتنوير، بالأخوة والصداقة والمحبة فيما بيننا، وبالمزيد من الأخوة والصداقة والمحبة، والمزيد من احترام وقبول الآخر، خصوصًا الآخر المختلف معه.