"عرف المجتمع الإنسانى – الأسرة - كمؤسسة اجتماعية لا نظامية، منذ زمن بعيد وأوكل إليها مسئوليتى الحفاظ على النوع الإنسانى، بما يضمن النسب ومشروعيته"، هكذا بدأت الدكتورة سماح خالد زهران مقدمة كتابها "الأسرة المصرية قراءات فى سيكولوجية التكوين والاستمرارية"، والذى يناقش الآليات النفسية لعلم نفس العلاقات داخل الأسرة، ويناقش الآليات فى الظروف المجتمعية المتغيرة، من مراحل تكوين الأسرة وكيف أصبحت وغيرها من الأمور.
ويؤكد الكتاب أن نظرة المجتمع المصرى للزواج ووجوده بالتراث، يعظم من فكرة الزواج، فهذا الفعل له جود قوى فى المعتقدات المصرية منذ العصر الفرعونى، مشيرة إلى العامل النفسى بجانب الناحية الاجتماعية تساهم فى اختيار شريك الحياة.
وفى تناوله للثقافة الشعبية، يرى الكتاب أن الناحية النفسية فى الزواج تجنح للعاطفة والحب، وهو ما يعظمها الموروث الشعبى، واستشهدت بعدة أمثال شعبية من بينها "مراية الحب عمياء" ، "بصلة المحب خروف".
كما تحدث الكتاب، عن تقديس الثقافة الشعبية لفكرة الزواج المبكر، والذى يمثل لدى المجتمع "نزهة وسترة"، وصيانة للشاب والشابة، من الوقوع فى الفتنة والإغراء، على حد وصفها، وأكدت أيضا على أهمية الزواج المبكر للفتيات، خاصة أن المجتمع ينظر للفتاة التى لم تتزوج فى سن مبكرة على إنها "بايرة".
وعن اختيار الشريك، ترى الكاتبة أن الدراسات المصرية، تؤكد إن التجانس الدينى والعمرى والتعليمى والمزاجى، إضافة إلى الجسدى –الجنسى- يلعب دورا مؤثرا فى اختيار –الزوج للزوجة - فالناس يميلون لاختيار الشريك المتشابه مع خصائصهم، على حد تعبيرها، وبحسب بعض الإحصائيات رأت الكاتبة إلى أن جيل الأبناء سواء فى الحضر أو فى الريف يفضلون ذوات البشرة القمحوية، والذى لم يخل التراث من أغانى تروج لذلك، ومنها "السمرا بلحة حمرا" و"مكتوب حدانا فى الورق.. أسمر ودمه خفيف".
وعن الثقافية الإنجابية لدى الأسرة المصرية أبرزت الكاتبة الاختلاف بين النظرة الشعبية للإنجاب فى الدراسات الحديثة بنظريتها القديمة، فأحداث النظريات أكدت أن أصحاب الطبقات الدنيا يفضلون إنجاب أكبر عدد من الأبناء معتقدين أن ذلك يضفى مكانة على الرجل، خاصة إنجاب الذكور، وذلك بعكس الطبقات العليا الذين يفضلون الأسر الصغيرة، ويرى الكتاب إن الإنجاب والولادة وعاطفة الأمومة يعتبر غريزة أساسية عند الأثنى، والنساء منذ القدم يلحون فى مغالبة العقم، والاستعانة بالرقاء والسخرة من أجل الأنجاب.
كما تحدث الكاتبة عن ثقافية تسمية المولود والتى رأت فيها إن الثقافة المصرية، ترى إن الاسم قوة، وإن معرفة الاسم الشخص تعطيك سطوة على هذا الشخص أو الشىء، مشيرة إلى أن فترة السبعينيات شهدت تقدما ملحوظا للأسماء الدينية والقومية، فيما تراجعت ذلك حديثا بعد أن اتجاه المجتمع نحو الأسماء العصرية والغريبة وذلك "سدال، ولمار، وسانا" عن الفتيات، و"سانى، ووسام، وداغر" لدى الفتيان.
الكاتبة فى دراستها استدلت بالإحصائيات الرسمية وغيرها لتأكيد على صحة ما ورد بها، حيث إن كل فصول الكتاب تقريبا ظهرت بها الجداول والإحصائيات لفترات زمنية مختلفة للمقارنة بين الأزمنة، وكل ذلك بإيجاز كبير، وهو ما يظهر فى حجم الكتاب والذى لا يتعدى 181 صفحة.
الكتاب أيضا لم يكتف بإظهار الأسرة المصرية سواء من المنظور الاجتماعى أو الاقتصادى، فى العصور المختلفة، فقط بل ناقش المشاكل داخل الأسرة المصرية متمثلة فى الطلاق وحالات العنف الأسرى، وغيرها، وعرضت حلها عبر عناصر ثلاث رئيسية وهى الوعى والصدق والتعاون.