كثيرة هى المواقف الحرجة التى يقع فيها السياسيون لعدم خبرتهم بقواعد البروتوكول، بل يصل الأمر لحدوث أزمات بين الدول لخطأ فى قواعد الاستقبال أو الوداع أو ترتيب الضيف، ومصر من البلاد التى ترسخت بها هذه القواعد منذ عصر أسرة محمد على، وأصبح لدينا خبراء فى هذا المجال سواء فى رئاسة الجمهورية أو وزارة الخارجية المصرية.
ولترسيخ البروتوكول لكى يكون علماً يستفيد منه الجميع ألّف طارق عبد العزيز أمين رئاسة الجمهورية الأسبق، كتاباً تحت عنوان "البروتوكول والإتيكيت.. أسرار مواجهة المواقف الحرجة"، يذكر فى هذا الكتاب الطريف أنه ترسخ مفهوم البروتوكول لدى بعض الناس أن من يستخدمه هم علية القوم أو الدبلوماسيون فقط لما تمليه عليهم وظائفهم ذلك، وأن من يريد تعلم المراسم والبروتوكول يجب أن يرجع إلى مراجع بعينها، وهنا يوضح المؤلف أن هذا الكلام وإن كان به قدر كبير من الصحة فإنه لن يؤتى ثماره، إلا إذا كان من يطبقه لديه مقومات تؤهله لذلك، منها الاستعداد النفسى الذى يعد من أبرز سمات من يريد تعلم البروتوكول، والذى بدوره يكون عاملاً إيجابياً فى تهذيب سلوكياته، بجانب التمتع بالذكاء والاحترام والتذوق واللياقة فى التعامل والقدرة على تطوير نفسه والحث داخله عن مساحة مرنة تؤهله للاتصال مع الأفراد والمجتمعات.
ويؤكد طارق عبد العزيز أنه إذا ما أصبح البروتوكول لغة التعامل الرسمية بين الشعوب المتحضرة لما وجد فيه من احترام للعادات والتقاليد، فإنه قد يستخدم بلون آخر فى التعاملات الفردية وهو ما يطبق عليه الإتيكيت والمجاملة، والفروقات بين الثلاثة طفيفة كما يؤكد المؤلف، فالبروتوكول يُمثل القواعد المتعارف عليها فى المعاملات الرسمية مثل مراسم الاستقبال، الأسبقية، ركوب السيارات الرسمية، رفع وتنكيس الأعلام، مراسم الدعوات فى الحفلات والمآدب الرسمية، مراسم التعامل مع كبار الشخصيات والوفود الزائرة وبتعريف آخر هو القواعد المنظمة للسلوك الرسمى، أما الإتيكيت فهو قواعد غير مكتوبة يكتسبها الفرد ويتعلم مهارات ويكون لحسه الشخصى وذوقه الأثر الكبير فى نجاح تعاملاته مع الغير، مما يضعها موضع القبول والاحترام، وبلغة أخرى أيضاً هو القواعد المنظمة للسلوك الاجتماعى، أما المجاملة فهى سلوك يقوم به الأشخاص تجاه الآخرين بهدف إدخال السرور عليهم مما يقوى رابطة الاتصال والعلاقة بينهم.
ويرى طارق عبد العزيز أنه من المهم أن نفطن جيداً إلى مكان وتوقيت استخدام هذه الأساليب ومع من نستخدمها، لذلك فإننا نجد أن بعض الأشخاص الذين ليسوا من هذه المجتمعات الراقية أو العاملين بالسلك الدبلوماسى يحرصون على اتباع هذه القواعد ولو فى أبسط صورها وذلك لما يجدون فيها من راحة وهدوء فى التعاملات والاتصالات فيما بينهم وبين أفراد المجتمع الأمر الذى سينعكس على مهامهم الوظيفية أو الشخصية.
ومع ذلك فإن هناك من يرى حسب رأى المؤلف أن يتم تبسيط قواعد البروتوكول للتماشى مع المتغيرات والمعاملات المستحدثة.. لكن على الجانب الآخر يجب أن يعى من ينادى بذلك أن حدوث أى خلل بسيط أو تساهل فى تطبيق واتباع هذه القواعد قد يؤدى إلى أزمات وعواقب وخيمة.
ومن هنا وجب اتباع القواعد الأساسية للبروتوكول والمراسم مع وجود توازن فى التطبيق وفقاً لما يقتضيه الموقف أو القواعد المناسبة.