يمر عامان على اجتياح مدينة النمرود الأثرية العراقية بالجرافات، والسؤال: هل بدأ العالم نسيان هذه المنطقة الأثرية وأسقطها من ذاكرته؟
والمدينة يطلق عليها البعض كالح وتعرف كذلك بأسماء أخرى ككالخو وكالخو وهى مدينة آشورية أسست فى القرن الثالث عشر قبل الميلاد.
وتقع المدينة التاريخية عند ضفاف نهر دجلة على مسافة 30 كلم إلى الجنوب من الموصل، كبرى مدن شمال العراق، وصمم التخطيط العام لمدينة نمرود على شكل مربع محاط بسور طوله ثمانية كيلومترات، ومدعم بأبراج دفاعية. وفى الزاوية الجنوبية من السور يوجد تل نمرود.
وأسس المدينة الملك شلمنصر الأول، ولكنها ظلت مغمورة حتى اختارها الملك آشور ناصربال الثانى مقرا ملكيا له وعاصمة عسكرية للدولة الآشورية، فجددها ووسع فى قلعتها وفى المنطقة خارج الأسوار، ثم أكمل ملوك من بعده بناء المدينة، وعلى مدار تاريخها تعاقبت عليها شعوب وشهدت ديانات وثقافات عديدة.
وبدأ ذكر المدينة لدى علماء الآثار عام 1820، ثم جدّ علماء أجانب فى استكشافها والتنقيب عنها فى العقود اللاحقة، واكتشف خبير الآثار البريطانى أوستن لايارد مدينة نمرود فى القرن التاسع عشر، ثم نشط عالم الآثار البريطانى ماكس مالوان فى الموقع خلال الخمسينيات من القرن الماضي، واستلهمتها زوجته الروائية أغاثا كريستى فى رواياتها، ومنها "جريمة فى قطار الشرق السريع" و"جريمة فى بلاد الرافدين".
وتعرضت مدينة نمرود على مدار تاريخها لعمليات نهب مختلفة، منها ما كان إبان الغزو الأمريكى للعراق عام 2003، بالتزامن مع عملية نهب واسعة لمختلف الآثار العراقية.
ومن معالم نمرود الأثرية تماثيل الثيران المجنحة الشهيرة ذات الوجوه البشرية ويطلق عليها اسم "لاماسو" وتقف عند مداخل قصر "آشور ناصربال الثانى" ملك الإمبراطورية الآشورية فى القرن التاسع قبل الميلاد ومعابد قريبة من الموقع، ومن أبرز الآثار التى عثر عليها فى الموقع "كنز نمرود" الذى بدأ التنقيب عنه عام 1988 وانتهى بعد أربع سنوات، وهو 613 قطعة من الأحجار الكريمة والمجوهرات المصنوعة من الذهب.
ويعود تاريخ الكنز إلى نحو 2800 عام، وقد أخفته السلطات العراقية حينها بعد فترة قصيرة من العثور عليه، وعثر على الكنز محفوظا فى المصرف المركزى العراقى، بعد أسابيع من سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين إثر دخول القوات الأمريكية بغداد فى أبريل 2003.
وكنز نمرود يتكون من حوالى 45 كيلوجراما من المصوغات الذهبية ومجموعة من القطع الأثرية النادرة، وكشف أن المصوغات الذهبية تعود إلى ملكتين آشوريتين، وأنها دفنت بعد موتهما فى قبريهما بالقصر الشمالى الغربى للملك آشور ناصربال الثانى فى نمرود.