"تعد الحرية والفكر المساواتى شاغلا رئيسيا لفلسفات الحداثة وما بعد الحداثة وبقدر ما يمثلان حاجة اجتماعية فإنهما يكونان مبحثا مستداما وسؤالا متجددا"، بتلك الكلمات يقدم الكاتب محمد عبده أبو العلا، كتابه "الحرية والمساواة فى الفكر السياسى المعاصر: دراسات فى الليبرالية الاجتماعية عند رونالد دوركين".
ويتناول الكاتب السياسات الليبرالية والنيوليبرالية الاقتصادية التى تطلق يد اقتصاديات السوق فى مقابل الأطروحات الفكرية التى تحاول أن ترشد الليبرالية وتضطبها.
ويقدم الكتاب فى "التأصيل الفلسفى" لـ"رونالدو دوركين"، بعض التعريفات والنظريات للتوجهات الليبرالية المختلفة الليبرالية الكلاسيكية والنيوليبرالية والليبرتارية والليبرالية الاجتماعية، ويرى الكاتب أن الأخيرة لا تتعارض فكرتها بين وجود الحرية والمساواة الاجتماعية، بل إنها جزء لا يتجزأ من بعضهما، بخلاف التوجهات الليبرالية الثلاث الأولى والتى تبدو الحرية كما لو كانت عدوا للمساواة، بحسب وصف الكاتب.
كما قدم الكاتب الفرق التعريفى للحرية بين كل من حرية سلبية وحرية إيجابية، والأولى تعنى عدم الاعتداء على حقوق الأفراد والاعتراف لهم بمجال خاص يستقلون فيه بدون إزعاج من الدولة، على أن تتدخل الدولة فى حماية الحقوق الفردية عند الاعتداء من الغير فقط، على عكس الحرية الإيجابية التى تتطلب ضرورة تدخل الدولة بشكل مباشر من أجل توفير الشروط اللازمة لتمكين الفرد من ممارسة حرياته، كتوفير مستوى معقول من الدخل والتعليم والخدمات الصحية.
ثم قدم الكاتب نظرية لثلاث من أهم الفلاسفة الذين يرى أن "دوركين" كان ينضوى تحت لوائها، وهم "دافيد هيوم، وجون ستيورات ميل، وجون ديوى".
وفى "الحرية الفردية وإمكانيات العدل الاجتماعى" يقدم الكاتب نظرية "رونالد دوركين" فى العدل، وذلك من خلال تصور "دوركين" للمساواة والتى تتمثل ملامحه فى القدرة على الجمع بين المساواة فى الموارد من ناحية والحرية الاقتصادية من ناحية أخرى، ويتضح ذلك من خلال تأكيده على فكرة أن السبيل الوحيد لتحقق المساواة فى الموارد هو نظام السوق الحر، واستند الكاتب لقول دوركين "المساواة فى الموارد لا تتطلب اقتصادا توجيهيا أو اشتراكيا، فعلى العكس من ذلك تماما، فإنها قابلة غير قابلة للتحقق فى المجتمعات الاشتراكية. صحيح أن المساواة فى الموارد تتطلب نظام السوق الحر، غير أنها تدعو إلى تدخل الدولة فى هذا التظام، ليس من أجل إلغائه، ولكن من أجل تهذيب أدائه فقط".
وقدم الكاتب نظرية التطوير لدوركين والذى يقدم فيه اقتراحا عمليا لتطوير التوزيع الواقعى، عن طريق تقليل التفاوتات الاقتصادية الفجة غير المبررة بين الناس، للاقتراب به قدر الإمكان من التوزيع المتساواتى المثالى.
وتحدث نظرية المساواة السياسية عن دروكين والتى تتمثل فى المساواة بين جميع الناس فى فرص التأثير فى تشكيل الحياة السياسية للمجتمع الذى يعيشون فيه، سواء بطريقة غير مباشرة أو طريقة مباشرة، وبحسب الكاتب فإن المساواة السياسية عند دروكين هى السمة الرئيسية للنظام الديمقراطى الحقيقى.
فى "آلية التطبيق القانونى لليبرالية الاجتماعية" يعرض الكاتب فلسفة تطبيق القانون عند دروكين والذى يؤكد أنها مرتبطة عنده بنظريته فى العدل التوزيعى أو الاجتماعى ارتباطا وثيقا، ويقول الكاتب: "التوزيع القانونى عند دروكين يعبر أيضا بصدق عن المساواة بين الناس فى الاهتمام والاحترام، فأى نظام قانونى عند دوركين ليس غايه فى ذاته ولكنه وسيله لغاية اخلاقية معينة ألا وهى إقرار العدل والذى يمثل جوهر الأخلاق العامة". وتابع "أن ما يذهب إليه دروكين فقط هو أن حكمنا على شئ ما باعتباره صوابا من الناحية الأخلاقية يجب أن يكون قائما على سند موضوعى يدعمه، مما يحول دون انهيار المنظومة الأخلاقية".