ألقى الدكتور محمد عبد اللطيف أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة المنصورة ورئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية سابقاً بوزارة الآثار، محاضرة حول دور جزيرة إلفنتين بأسوان فى الحضارة الإسلامية فى مصر.
وبدأ الدكتور محمد عبد اللطيف حديثه عن الشقافات الفخارى، قائلا: الشقافات الفخارية هى إحدى مصادر كتابه التاريخ المصرى منذ أقدم العصور، فقد تم العثور على آلاف القطع الفخارية فى المواقع الأثرية والمكتوب عليها معلومات فى غاية الأهمية باللغة المصرية القديمة بمختلف عصورها وأيضاً كتابات على بعض القطع باليونانية وكذلك اللغة القبطية والتى تعد تطور أخير للغة المصرية القديمة .
وتابع "عبد اللطيف"، ولما كانت الحضارات المصرية المتعاقبة تكمل بعضها بعضاً فقد أستخدم المصريون الشقافات الفخارية للكتابة عليها باللغة العربية أيضاً وذلك بعد الفتح الإسلامى لمصر وبخاصة بعد انتشار اللغة العربية منذ نهايات القرن الأول الهجرى / السابع الميلادى، وقد وجدت البعثات الأثرية المصرية والأجنبية الآلاف من القطع الفخارية المكتوب عليها باللغة العربية، وذلك فى عدة مواقع فى شمال وجنوب مصر، ومن أهم تلك المواقع هو موقع جزيرة الفنتين بأسوان والتى تمثل آثارها عرضاً رائعاً للحضارة المصرية منذ أقدم العصور وحتى العصر الإسلامى .
وتجدر الإشارة إلى أن المعهد الألمانى للآثار بالقاهرة يقوم بإجراء حفائر أثرية فى جزيرة إلفنتين بأسوان وذلك بالاشتراك مع المعهد السويسرى للأبحاث المعمارية والأثرية لمصر القديمة، وذلك منذ عام 1969م وحتى الآن فى مواسم عمل سنوية تمتد من ثلاثة إلى ستة أشهر .
وأشار الدكتور محمد عبد اللطيف، إلى أنه عمل فى هذا الموقع بدعوة من المعهد الألمانى للآثار بالقاهرة للمشاركة فى العمل مع البعثة الألمانية السويسرية فى جزيرة الفنتين فى أسوان وذلك لعدة مواسم منذ عام 2014م وحتى الآن، مضيفا وإن كنت قد اعتذرت عن العمل مع البعثة عام 2015م بسبب تواجدى بقطاع الآثار الإسلامية بوزارة الآثار، وقد قمت بعملية مسح لحوالى ألف قطعة من الشقافات الفخارية الأثرية الموجود عليها نصوص كتابية وذلك حتى الآن، ووجدت من بين تلك القطع حوالى 100 قطعة مكتوب عليها كتابات باللغة العربية وتم نشرها جميعها فى سلسلة من المقالات والأبحاث داخل وخارج مصر، ويعود معظمها إلى القرن الثانى والثالث الهجرى / الثامن والتاسع الميلادى، وقد تلاحظ فى بعض القطع أنه يوجد عليها كتابات من الوجهين، ولكن غالبيتها عليها كتابه على وجه واحد فقط، كما تلاحظ أيضاً صغر حجم معظمها وهو فى المتوسط من 3-6 سنتيمتر باستثناء عدد قليل جداً يتميز بكبر الحجم نسبياً مقارنة بباقى القطع ومع ذلك فإنها لا تتجاوز 9-16 سنتيمتر فقط.
ويقول الدكتور محمد عبد اللطيف، إن هذه النصوص الكتابية باللغة العربية على الشقافات الفخارية رغم صغر حجمها وقلة محتواها إلا أن دراستها دراسة متأنية ودقيقة أمدتنا بمعلومات هامه جداً عن حضارة مصر فى العصر الإسلامى المبكر بصفة عامة وعن جزيرة إلفنتين بأسوان خاصة، ومن أهمها الموضوعات المتعلقة بالنواحى الاقتصادية والمعاملات التجارية بين الناس مثل عقود بيع وشراء، وموضوعات خاصة بالأراضى الزراعية، وتجارة فى الأسماك.
وأوضح "عبد اللطيف"، وهناك أيضاً بعض الشقافات الفخارية التى أفادتنا نصوصها بموضوعات اجتماعية مثل خطابات شخصية وهى الغالبية العظمى، وكتابات قرآنية، ورقية من المس من الجان "ووصفات سحرية"، وحكم محكمة .
وتابع "عبد اللطيف"، ومن خلال الدراسة وجدت قطعة فخارية فى غاية الأهمية حيث تفردت فى موضوعها الذى يتحدث عن رحلة الحج إلى مكة من خلال الذهاب إلى الفسطاط التى تم ذكرها صراحة فى نص القطعة، والتى تعد من أهم القطع التى نتوصل منها لمعلومات هامة وإضافة جيدة عن إحدى طرق الحج من مصر إلى مكة والمدينة.
جزيرة الفنتين:
من الجزر المصرية الواقعة فى وسط النيل فى مواجهة مدينة أسون، وتبلغ مساحتها حوالى مائة وخمسين فداناً ، وطولها 1600متر وعرضها 800 متر.
وقد ذكرها جوتييه فى قاموسه فقال: إن اسمها Abouوكانت قاعدة القسم الأول من أقسام الوجه القبلى، كما كانت عاصمة البلاد المصرية فى عهد الأسرتين الخامسة والسادسة الفرعونيتين .
وقد سماها اليونانيون Elephantine ، " أنها كانت سوقاً يباع فيه العاج وسن الفيل، ثم بعد سُميت ذلك فى عصر الفتح العربى جزيرة الزهر لجمال نباتاتها، وتسمى حالياً جزيرة أسوان، ولا يزال يوجد فى الجزء الجنوبى من هذه الجزيرة بقايا من آثارها التى تدل على تاريخها وحضارتها منذ أقدم العصور وحتى العصر الإسلامى، وكانت هذه الجزيرة من توابع ناحية أسوان ثم فُصلت عنها فى تاريخ سنة 1272هـ / 1855م، وبذلك أصبحت ناحية قائمة بذاتها.