ننشر كلمة الروائى شكرى المبخوت مدير معرض تونس الدولى للكتاب، والحائز على جائزة البوكر عن رواية "الطليانى"، خلال افتتاح المعرض الدولى للكتاب فى تونس، اليوم، فى دورته الـ33، بحضور وزير الشئون الثقافة محمد زين العابدين ووزير الثقافة اللبنانى غطاس الخورى وعدد من أعضاء الحكومة التونسية، والدكتور الناقد جابر عصفور وزير الثقافة المصرى الأسبق.
وقال شكرى المبخوت فى كلمته: نقرأ لنعيش مرتين... بل مرات.. ليست الطيور وحدها هى التى تبشر بحلول الربيع فى تونس إذ يشاركها معرض تونس الدولى للكتاب فى الاحتفال بمقدم فصل النور العذب الجميل والفكر الوقاد والإلهام المتجدد وبهجة الإبداع وفتح المسالك نحو الأجمل والأرقى.
إن هذا الربيع المستمر هو الذى يمنح الثقافة التونسية معناها ويؤسس رموزها المعبرة عن مغامرة التونسيين فى الوجود والتاريخ وقد تعلقت همتهم بالتنوير والحرية. ففى هذه المكتبة الكبرى التى نسميها معرضا للكتاب، يتخذ كياننا الثقافى والحضاري، كل عام، دلالة جديدة: دلالة البحث عن الفكر المخصب وتدفق الحياة. فليست الكتب "بضاعة" عادية فى سوق عادية بل هى جماع إرادة الحياة والشوق إلى الترقى والاكتمال حتى تكون الحياة أروع وأثرى.
إننا حين نقرأ نعيش مرتين. إذ لا يستوى الذين يأخذون الكتاب بقوة فيطالعون والذين لا يطالعون فيظلون فى منزلة العيش البيولوجى الفقير رمزا ومعنى.
نقرأ لأننا نحبّ الحياة فنجتهد لنعرف أنفسنا وندرك رهان وجودنا فى الكون.
نقرأ لأننا نحلم بعالم أفضل ونعمل على تغيير واقعنا وتحقيق أحلامنا.
نقرأ لأننا نتشوف إلى حرّيتنا فى دوحة الكتب الوارفة.
نقرأ لنعيش مرتين بل مرات مع كل كتاب جديد نلتقى فيه بإخوتنا فى الإنسانية فنشاركهم ثمرات عقولهم ونحاورهم فى صمت المتأملين فنحاور أنفسنا فى مرايا مدادهم.
إن هذا المهرجان الأدبى والفكرى الذى اجتهدت إدارة الدورة الحالية لمعرض تونس الدولى للكتاب فى صياغته، دعوة أخرى إلى المحاورة والإصغاء إلى الآخر والتفكير بصوت مرتفع فى العيش المشترك بحثا عما يجمع بيننا وتأسيسا متجددا لثقافة الاختلاف والتنوع والتعدد، عسى أن تكون حياتنا مغامرة ممتعة فى رحاب الكتاب وبرفقة الكتاب فى عالم الأفكار والمعانى.
هى دعوة مضيافة إلى مأدبة الفكر المبتهج المتسائل والأدب المصفى الراقى نريدها منطلقا لقراءات متواصلة حتى نعيش مرتين... بل مرات.