أعلنت جائزة الشيخ زايد للكتاب عن فوز المؤرخ والمفكر المغربى الدكتور عبدالله العروى بجائزة "شخصية العام الثقافية" للدورة الحادية عشرة 2016-2017 .
وقال الدكتور على بن تميم، أمين عام الجائزة: "تم اختيار المفكر والكاتب عبدالله العروى لتبوئه منزلة المؤسس لحراك فكرى وثقافى امتد من المغرب إلى المشرق، ولم يتوقف تأثيره عند حدود الجامعات والمؤسسات العلمية، وإنما شمل مجالات الفكر السياسى العربى، وطبع كثيراً من الممارسات الثقافية".
نشر العروى منذ بداية الستينيات من القرن العشرين ترجمات ونصوصا ودراسات فى عدد من المجلات المغربية والعربية والفرنسية، فصدر له عام 1967 كتاب "الإيديولوجيا العربية المعاصرة" بتقديم مكسيم رودنسون، وفى عام 1970 صدرت ترجمته العربية على يد محمد عيتانى عن دار الطليعة فى بيروت، فشكل الكتاب انطلاق الحضور الواسع لعبد الله العروى فى الثقافة العربية، كما أصبح محط اهتمام الباحثين والدارسين لشؤون الثقافة والتحديث فى العالم العربى.
يجمع العروى بين المعرفة العميقة للثقافة العربية، قديمها وحديثها، والثقافة الغربية، فى مختلف مظاهرها الفكرية والأدبية والفنية، وخاصة فى مجالات الفلسفة والتاريخ والرواية والسينما، وقد ألف منذ الستينيات حتى اليوم، مجموعة من الأعمال التى شكلت نظرة جديدة مستأنفة للثقافة العربية الحديثة، وما يتصل بها من سياقات وإشكالات وأسئلة ثقافية فى القديم العربى أو فى الثقافة الغربية، وهى دراسات تتوجه نحو دراسة تاريخ الأفكار بالدرجة الأولى، لكنها فى الوقت نفسه، تتسع لتشمل مجالات الفكر والأدب، كما تتطرق إلى قضايا التحديث فى العالم العربى، وصلتها بالسياسى والفكرى، لذلك يمثل كتابه الافتتاحى "الإيديولوجيا العربية المعاصرة" إعلاناً عن مرحلة جديدة من قراءة تاريخ الثقافة العربية الحديثة وأوضاع فكر النخبة فيها.
وقد توالت مؤلفات عبد الله العروى وتنوعت خلال أكثر من خمسين سنة، حيث امتزجت فيها الدراسة الفكرية بالعمل الروائى والترجمة، هى دراسات تؤكد بوضوح أن عبد الله العروى مترسخ فى المعرفة، متشبث بمواجهة عوائق التحديث، دائم الرحلة بين الممارسة الفكرية والممارسة الأدبية، وهذه الخصيصة الموسوعية لكتابات العروى هى ما يعطيه مرتبة استثنائية فى الثقافة العربية الحديثة، لما توفره من قدرة على التأمل والتحليل والتفسير لقضايا تشغل بال كل معنى بالأسئلة الصعبة لزمننا الحديث.
وتشكل أعماله اليوم ذخيرة حقيقية للثقافة العربية لا تنحصر فاعليتها فى المرحلة السابقة، أى منذ السبعينيات من القرن الماضى، بل تكمن فيما تفتحه من آفاق واسعة فى المستقبل للبحث والدراسة والإبداع، فهى تسير فى اتجاهات متعددة ومتقاطعة، تلتقى فى منظومة فكرية لها أسسها النظرية فى الرؤية الفلسفية وفى المعارف المتصلة بها، ويمكن الحديث عن هذه الأعمال بما هى تؤلف مدرسة راسخة فى النظرة النقدية وفى المواقف المعرفية التى عملت على بلورته، فتأكيد هذه الأعمال على الحداثة الفكرية فى الممارسة السياسية والثقافية، اختيار نابع من العمق الثقافى لصاحبها ومنظوره النقدى الفاحص ومتابعته الدقيقة لأسئلة وقضايا المجتمع العربى الحديث.
ومن المقرر أن يقام حفل تكريم الفائزين بجائزة الشيخ زايد للكتاب بتاريخ 30 أبريل 2017، خلال معرض أبوظبى الدولى للكتاب فى مركز أبوظبى الدولى للمعارض، ويذكر أن جائزة "شخصية العام الثقافية" هى جائزة تقديرية تمنح لشخصية اعتبارية أو طبيعية بارزة على المستوى العربى أو الدولى، تتميز بإسهام واضح فى إثراء الثقافة العربية أوالعالمية إبداعاً أو فكراً، على أن تتجسد فى أعمالها أو نشاطاتها قيم الأصالة والتسامح والتعايش السلمى.