اختتمت صباح اليوم الخميس، فعاليات القمة الثقافية 2017، والتى عقدت فى العاصمة الإماراتية، أبو ظبى، فى منارة السعديات، بالمنطقة الثقافية، على مدى الأيام الخمسة الماضية تحت شعار "العقول المبدعة فى عالم مترابط: الثقافة كعامل تغيير فى العصر الرقمى".
وشهدت القمة مشاركة أكثر من 300 شخصية من القيادات الثقافية والإبداعية يمثلون القطاعات الحكومية والفنية والتراثية والتعليمية والإعلامية والعلمية والتقنية والعمل الخيرى من حول العالم، لمناقشة مجالات العمل الثقافى المشترك، وسبل إنشاء علاقات تعاونية راسخة لمواجهة التحديات الحالية على المستوى الاجتماعى والسياسى.
وتمحورت نقاشات القمة حول شعارها، حيث ركز المتحدثون على أهمية التعاون فى مختلف المجالات، وقدرة التقنيات الحديثة على صياغة المستقبل ضمن سياسة عالمية متناسقة، بالإضافة إلى كيفية الاستفادة من تأثير الفنون والثقافة كعناصر فاعلة لتغيير المشهد العالمي، وبناء جسور التواصل فيما بين المجتمع العالمى وتوحيده حول قضاياه الراهنة.
وتضمنت فعاليات القمة، تنظيم سلسلة من ورش العمل التى ناقشت التحديات والقضايا التى تم طرحها فى جلسات القمة، وأبرزت تلك الورش التنوع الثقافى المتمثل فى المشاركين وتوجهات النقاشات، والتى طرحت رؤية أوسع وأكثر شمولية ضمن سياق القمة. ولخص المجتمعون فى القمة تعريفات مبتكرة تم تضمينها فى مخرجات جدول أعمال القمة، حيث عكفت مجموعات العمل على إعداد أجندة توضح الأنشطة المستقبلية كأساس لمبادرة ثقافية تعاونية عالمية، وتضمنت مخرجات القمة، الالتزام بتطوير منصة إلكترونية تعاونية لتعزيز الحوار الثقافى وإيجاد منظومة قادرة على قياس التأثير الثقافى بشكل أكثر دقة.
ومن جانبه، قال محمد خليفة المبارك، رئيس مجلس إدارة هيئة أبوظبى للسياحة والثقافة، فى بيان صحفى، اليوم الخميس،: أبوظبى اليوم هى المكان الأمثل لاجتماع القادة الثقافيين من أكثر من 80 دولة من حول العالم، باعتبارها موطناً لأكثر من 180 جنسية، يمثلون نسيجها المجتمعى والثقافى.
وأضاف: تم خلال القمة الثقافية مناقشة مدى تأثير الثقافة والفنون على تحديات التنمية الاقتصادية على مستوى العالم. وعلى مدى الأيام الماضية، شهدنا معاً أهمية هذا الحوار الثقافى والتعبير الفنى فى بناء الشراكات والجسور الثقافية بين أفراد يمثلون مجتمعات ثقافية متنوعة.
وتابع: وكانت الموضوعات والتحديات والحلول المستقبلية التى تم طرحها على مدى الأيام الأربع الماضية أهميتها فى توسيع الآفاق والتفكير بعمق. إن القمة الثقافية 2017 هى مجرد البداية لرحلة طويلة من العمل الدءوب، ونحن مُلزمون بضمان تعزيز وحماية ثقافتنا للأجيال القادمة.
بدوره قال منسق حوارات القمة، والرئيس التنفيذى ومحرر مجموعة "أف بي"؛ ديفيد جى روثكوبف: وضعت هذه القمة أهدافاً طموحة، وبلا شك أن نجاح القمة يعود لشركائنا وكل من ساهم فيها، وقد كانت أفضل مما هو متوقع. استطعنا عبر هذه القمة من تأسيس وتكوين علاقات ثقافية جديدة، ملتزمة باستخدام أسلوب إبداعى استثنائى للاستجابة لبعض من التحديات المهمة التى يواجهها كوكبنا. وبالتزامهم هذا، فإنهم يؤكدون أن الثقافة هى الأكثر تأثيراً فى عالمنا، ولديها الطاقة المحركة والقادرة على تغيير الأفكار ودفع المجتمعات نحو العمل الفعلى.
وشهدت مجريات القمة، إقامة حفل خاص لتوزيع جوائز أفضل الدبلوماسيين العاملين فى مجال الثقافة، حيث جاء اختيار الفائزين بالجائزة بناء على إسهاماتهم فى مجال الدبلوماسية الثقافية كأفراد أو منظمات.
وتم فى هذا الحفل تكريم عدد من الشخصيات البارزة فى هذا المجال، ومن بينهم الدكتور أنور بن محمد قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة، وسعادة الدكتور زكى أنور نسيبة، مساعد وزير الخارجية والتعاون الدولي، المستشار الثقافى فى وزارة شؤون الرئاسة، والدكتورة مادلين أولبرايت، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة ورئيسة مجموعة أولبرايت ستونبريدج، و"إل سيستيما" ممثلة فى إدواردو مينديز، المدير التنفيذى لدى مؤسسة سيمون بوليفار الموسيقية، ومؤسسة ورشة سمسم ممثلة فى شيرى وستين، نائب الرئيس التنفيذي، لدى مؤسسة التأثير العالمى والعمل الخيري، وأوركسترا الديوان الغربى الشرقى ممثلة فى تابارى بيرلاس، الرئيس التنفيذى.
ومن جهتها، قالت نورة الكعبى، وزيرة الدولة لشؤون المجلس الوطنى الاتحادي، ورئيس مجلس إدارة هيئة المنطقة الإعلامية فى أبوظبى وTwoFour54: تسهم القمة الثقافية 2017 فى إيجاد مفاهيم جديدة فى التعامل مع القضايا العالمية، وتعزيز مكانة دولة الإمارات بشكل عام، وإمارة أبوظبى بشكل خاص، كمركز عالمى لالتقاء الأفكار وابتكار الحلول العملية للكثير من التحديات التى تعوق دون الوصول إلى المجتمع الإنسانى الحضارى الذى يحيا فيه جميع أفراده بسعادة وأمان وسلام.
واختتمت نورة الكعبى تعليقها قائلة: تشكل القمة الثقافية وعبر محاورها المتنوعة، حدثاً عالمياً مهماً لبحث ومناقشة المواضيع الثقافية والاهتمامات المشتركة، بالإضافة إلى بناء شراكات التعاون الجديدة التى تسهم فى إيجاد فرص عملية لتعزيز دور الثقافة والتقنيات الجديدة فى بناء المجتمعات، ونحن بدورنا نتطلع إلى تطوير سياسات عامة لتشجيع التطور المستدام والإبداع والتنمية الاجتماعية.
وتخللت أيام القمة مجموعة كبيرة ومتنوعة من عروض الأداء الفنية، قدمتها فرق إماراتية وعالمية من مغنيين وشعراء وفنانين استعراضيين ومنسقين موسيقيين. ومنحت تلك العروض الفنية القمة بعداً جمالياً آخر لرونقها العالمى المتمثل فى تنوع الخلفيات الثقافية والعرقية للمشاركين، الذين قدمت لهم القمة فرصة الالتقاء للتعاون والعمل معاً والتواصل فيما بعد القمة.
وقالت كارلا ديرليكوف كاناليس الرئيس التنفيذى لشركة تى سى بى فنتشرز: نحن فخورون بالعروض الأدائية والموسيقية التى تجاوزت 18 عرضاً خلال القمة، والتى قدمت مجموعة استثنائية من الفنانين المحليين والدوليين، وكذلك الفنانين التشكيليين الذين عرضوا إبداعاتهم الفنية فى معرضنا، وقد جسدوا بذلك أفكار القمة لتعزيز قوة الفنون بهدف إعلاء مجموعة من القيم المجتمعية الضرورية.
واختتمت القمة الثقافية 2017 بعرض خاص بعنوان "طريق المطر". قدمها الفنان العالمى سيبيل سزاجارس ردفورد، واستكشف العرض قضايا التغير المناخى عبر رسم للوحات وموسيقى واستعراضات وأفلام وإلقاء كلمات برسالة عن البيئة والاستدامة.
وجسد عرض "طريق المطر" التعاون بين الصور الشعرية لهطول الأمطار، والأنماط الفنية المختلفة. وهو عبارة عن عمل فنى تجريدى مكون من لوحات تتخطى المفاهيم السياسية، وتتيح للمتلقى اكتشاف العديد من المعانى بطريقته الخاصة.
ويقدم العرض رسالة تفاؤل وتذكرة بالروابط الجغرافية الثقافية التى يتكون منها جمال نسيجنا المجتمعى العالمي. صمم العرض سيبيل سزاجارس ردفورد والفناين المترشحين لجوائز الغرامى "ويل كالهون" و"ديف إيغار" و"تشاك بالمار".
وصممه خصيصًا للعرض خلال القمة الثقافية 2017 الفنانة الجنوب أفريقية نتالى فيشر، وهو من إنتاج مواطنتها سيسل ليبورث، قام بتأديته الفنانة الاستعراضية كيورى كاواى والفنان ديفيد نيلسون من أبوظبى.