أقام المركز القومى للترجمة، مساء أمس، أمسية تحت عنوان "فى حضور من رحلوا"، وتحدث الدكتور أنور مغيث، مدير المركز القومى للترجمة، عن إحساسه الشديد بالحزن لرحيل كوكبة من أهم المترجمين على الساحة المصرية، والذين أثروا الحياة الثقافية المصرية والعربية، وساهموا فى تشكيل الوعى العربى عبر نقلهم لمجموعة من أهم الكتب فى مختلف المجالات والتى ستظل خالدة فى المكتبة العربية .
بدأت الأمسية بحديث حول المترجمة الراحلة لبنى الريدى، والتى تحدثت عنها ابنة شقيقتها الصحفية دينا قابيل، وكيف جمعت الراحلة ما بين الترجمة العلمية والأدبية، وأضافت "دينا" أن المترجمة الراحلة أفنت حياتها فى الترجمة، ولم تجد بعد رحيلها القدر الكافى من الاهتمام بمنجزها الثقافى، وتوجهت بالشكر للمركز القومى للترجمة على الاحتفاء بذكراها، وتمنت تسليط الضوء على إنجازاتها المختلفة كمترجمة للعديد من الروايات المهمة الحاصلة على جوائز عالمية.
كما تحدث الدكتور محمود قاسم، عن المترجمة الراحلة وكيف بدأت رحلتها للترجمة بترجمة الأدب والإبداعات العالمية، وكيف أنها رغم احترافها للترجمة، فقد ظلت تتعامل معها بمنطق الهواية إلى آخر لحظة، حيث لم تهتم بالمقابل المادى لأى عمل تقدمه، وكانت تستمع بالترجمة وتنجزها بسرعة كبيرة غير متوقعة.
وتحدثت الدكتورة منى مينا، عن الراحل الدكتور والمترجم فخرى لبيب، والذى برغم تخصصه كدكتور فى الجيولوجيا ودراسته لها، إلا أنه اهتم بالترجمة وحاول دائمًا أن ينتقى أهم الكتب ليترجمها، وتحدثت عن مجلد من 13 جزءًا بعنوان "سلالة الجنس البشرى"، لم ير النور حتى الآن وهو يكذب الادعاء باختلاف الأعراق والأجناس البشرية الذى قال به دعاة العنصرية، وأضافت أن آخر ترجماته كان من خلال المركز القومى للترجمة الذى ترجم له عددًا كبير من الكتب المهمة، وأن كتاب (أمة مارقة) وهو آخر أعماله ترجمه فى سنوات مرضه الأخيرة، ورغم مرضه الشديد لكنه حرص كل الحرص على إتمام الترجمة، مشيرة إلى أنها ترى أن أهم ترجماته هى رواية لم تأخذ حظها من الشهرة كبقية الأعمال وهى بعنوان (عريان بين الذئاب) وأنها تراها أهم من رواية (رباعية الإسكندرية) على عكس ما يرى الكثيرون.
كما تحدث الناقد شعبان يوسف عن أول معرفته بالراحل فخرى لبيب، والتى كانت فى العام 1979، وسعد بصدقاته كثيرًا، وكيف أن هذا الرجل الأسطورى رحل بدون أن يحصل على جوائز كبرى، وناشد شعبان يوسف الدكتور أنور مغيث مدير المركز القومى للترجمة بإعادة نشر الأعمال الفكرية العظيمة للراحل فخرى لبيب.
وفى تعقيب من الدكتور أنور مغيث حول الراحل، والذى وصفه (بالرجل المعجزة) فهو عالم الجيولوجيا والمناضل السياسى الذى انشغل بالعمل العام حتى آخر يوم فى حياته، وأوضح أن فخرى لبيب يظل هو صاحب الفضل فى عدم خضوع ما يتقاضاه المترجم للضرائب وكيف ناضل نضاله المعهود دائمًا فى مجلس الدولة حتى حصل على حكم يقتضى بإعفاء أجر المترجم من الضرائب.
وتحدث الدكتور أنور مغيث بوصفه الصديق المقرب من المترجم الراحل أحمد محمود، قائلاً أحمد محمود صديق عزيز ومترجم كبير، كان دائمًا قلقا بصدد الترجمات التى يريد أن ينجزها لأنه يريد أن تظهر على أتم صورة وأكمل وجه، فهو يسعى وراء كل كلمة فى المراجع، ولا ينظر للترجمة على أنها مهنة فهو يحب الترجمة، إضافة إلى هذا فهو شخص ملتزم يضحى بوقته من أجل إنجاز الترجمة فى الوقت المحدد، وعلى يده تدربت مجموعة كبيرة من المترجمين، وتخرج من تحت يديه مجموعة من الشباب الواعى الذى يمتلك ضميرًا مهنيًا واعيًا مثله.
وعن المترجم الكبير طلعت الشايب تحدث الدكتور أنور إبراهيم عن فقده للراحل على المستوى الشخصى، وحضوره وكرمه الذى لا يضاهى، وحكى عن تعلمه اللغة الروسية فى القوات المسلحة حتى أجادها وأصبح كبير المترجمين وكيف كان مثقفًا واعيًا لا يبخل بالجهد أو النصيحة على أى مترجم، وأنه من الواجب إعادة طبع أعماله المهمة مرة ثانية لما تحتويه من أهمية لا تضاهى، فمشروع طلعت الشايب فى الترجمة يحتاج إلى قراءة متأنية.
وفى نهاية الأمسية تحدث الدكتور أنور مغيث قائلاً: إننا نريد أن نترك بصمة لأبناء وأحفاد الراحلين الذين فقدناهم، واسمحوا لنا أن نهدى لهم درع المركز كتعبير بسيط من المركز القومى للترجمة عن الحب والتقدير والعرفان.