قال الأثرى على أبو دشيش، عضو اتحاد الأثريين المصريين، إن سيناء على مدار تاريخها تملك أهمية دينية وعسكرية واقتصادية لمصر، فعليها استقر إنسان ما قبل التاريخ وعلى أرضها خرج موسى عليه السلام وقومه، وعلى ترابها كان أول طريق حربى فى العالم، وفى أرضها معادن النحاس والفيروز، وعلى أرضها قدس ملوك مصر القديمة، كما شهدت أرضها الأديرة المسيحية وسارت على أرضها جيوش المسلمين فاتحين مصر، لذا فقد عاصرت سيناء الحقب المختلفة من تاريخ مصر.
وأوضح على أبو دشيش، أن سيناء اشتهرت فى التاريخ المصرى القديم بمناجم الفيروز والنحاس التى استخدمها المصريون فى صناعة الأوانى والحلى والتى بقيت شاهدا فريدا على هذه الحضارة، التى لا تزال باقية حتى الآن، واختار التاريخ سيناء ليسجل فيها الكثير من الذكريات والحوادث، وكانت الجسر الذى عبرت عليه حضارات عصور ما قبل التاريخ وامتد إلى يومنا هذا، وكانت سيناء أقدم طريق حربى فى تاريخ العالم القديم وهو الطريق التى سارت عليه جيوش مصر عند الذهاب إلى آسيا، وسلكته أيضا جيوش الأشوريين والفرس والإسكندر الذين عزوا مصر، والذى سارت عليه الجيوش التى أتت لفتح مصر.
وتابع، استغل المصريون فى عصر الدولة الوسطى مناجم منطقة سرابيط الخادم بجنوب سيناء وشيدوا بها معبدا للربة حتحور فى عهد سنوسرت الأول وتركوا بها مئات النقوش واللوحات التى تحوى بجانب أسماء الملوك أسماء رؤساء البعثات وبعض أعضائها، واستمر العمل فى مناجم سرابيط الخادم بجنوب سيناء فى الدولة الحديثة حتى الأسرة الـ 20، وشهدت منطقة شمال سيناء نشاطا تجاريا محدودا خلال الدولة القديمة والوسطى حتى تعرضت مصر إلى حكم الهكسوس، ثم أدركت أهمية حماية وتحصين الحدود الشرقية على الطريق الحربى القديم بين مصر وفلسطين المعروف باسم طريق حورس الحربى، وأنشأت القلاع والحصون وحفر الآبار، وكان طريق حورس الحربى من أهم الطرق العسكرية التى نشأت فى مصر القديمة عبر تاريخها وتحدثت عنه الوثائق مثل أخبار الملك سيتى الأول وحملته على فلسطين.
وكان الطريق يبدأ من القنطرة شرق حتى رفح ونقشت معالمه على جدران معبد الكرنك، ويوضح النقش الشهير للملك سيتى الأول مراسم استقباله عند قلعة ثارو "تل حبوه حاليا"، وتميزت الحضارة المصرية القديمة خلال الحقب المختلفة وحتى يومنا هذا منذ أقدم العصور بالثراء فى إنجازات الإنسان المصرى فى مصر بوجه عام ووجه خاص فى سيناء.
ولفت إلى أنه منذ بداية الأسرة الأولى فى مصر كثف النشاط فى سيناء لاستخراج النحاس والفيروز وتشير إلى ذلك النصوص المصرية وفى الأسرة الثالثة شهدت اهتماما واضحا فى سيناء فقد عثر على نقوش للمك سا نخت وعثر أيضا على نقش فى عهد زوسر وهو يضرب الأعداء فى نقوش وادى المغارة.
واهتم الملك سنفرو بتأمين المناجم والمحاجر فأقيمت الحاميات وحفرت آبار المياه على امتداد الطرق المؤدية إلى المناجم والمحاجر وعثر على مجموعة من النقوش من عهد سنفرو، وصور سنفرو فى سرابيط الخادم وهو يؤدب الخارجين على القانون والذين يهددون البعثات التعدينية.
ومن أهم المناطق الأثرية فى سيناء، العريش التى كانت من أهم الموانئ المصرية القديمة وتل الشيخ زويد وكانت إحدى المناطق الهمة على طريق حورس الحربى بين القنطرة وغزة إضافة إلى بير العبد وتل حبوة الذى عثر فيه على أكثر من قلعة ترجع لفترة الهكسوس ولا تزال حتى الآن، القنطرة شرق والتى تقوم على أطلال المدينة القديمة ثارو وكان أقدم الحصون المدافعة عن حدود مصر الشرقية، وسرابيط الخادم التى تضم المعبد الذى شيده لحتحور، ونقوش وادى المغارة وقد عثر فى هذه المناجم على حوالى 45 نقشا يرجع إلى الدولة القديمة والوسطى والحديثة.