قال الروائى حمدى البطران، إن الشاعر طارق سعيد أحمد يطالعنا بمفتتح صادم، أو مخادع فى ديوانه الصادر مؤخرا، فلم أتوصل إلى الهدف منه، عندما قال فى افتتاحية الديوان: "لا أنصح كل من استسلم للنمطية أن يقرأ هذا العمل فهو لكل حر أراد أن يحقق وجوده.. إليك أنت". وكأن النمطيين والتقليديين والأصوليين مستبعدون من قراءة هذا العمل! فهو بذلك يفترض فى البداية أن يتوجه إلى قارئ حر حدده بالشخص الذى يقرأ الديوان.
وتابع البطران، وهو نوع من الغوض يحاول الشاعر أن يفاجئ به قارئه للوهلة الأولى، أو لإيهامه بأن الديوان غامض، حتى إذا لم يتوافق مع مضمون ما يقوله، فإنه سيصف نفسه بأنه ليس حرا كما ينبغى، ومما ساهم فى حدة الغموض هو عنوان الديوان ذاته: "تسيالزم.. إخناتون يقول"، وهو مصطلع غير عربى، ليس له مضمون، ثم نسبة الأقوال إلى إخناتون وهو ملك مصرى قديم قيل أنه مارس عبادة إله واحد، بدلا من الآلهة المتعددة، هكذا أدخلنا الشاعر طارق سعيد أحمد إلى دائرة الخداع الكبرى التى فاجأنا بها قبل أن نقرأ ديوانه، ولكنه يطالعنا بالشك فى أول قصيدة له بعنوان "إلى أنا" قائلا :
"اتهرت نظرتك الثابتة
على أشياء
متحركتش سنتيمتر
واحد
أو مالت براسها
على وجدانك
اللى نبت على أطراف
مشاعرك
مزيف
اللحظة م البداية
احتوت أساطير
وكلمتين حلوين
وغابات بتجرى فيها
كتل دخان
منقوش عليها أول حرفين
من اسمك".
ليكتشف زيف كل شىء حوله فقد تحول كل شىء إلى "أساطير وكلمتين حلوين وغابات بتجرى فيها كتل دخان منقوش عليها أول حرفين من اسمك" أى أن الشك تخلل كل شىء حتى اسمه، والقصيدة الثانية يحاول أن يخرج من الصدمة والشك، ليلمس الواقع ويحاول الخروخ منه قائلا:
"كل ما احاول اكتب
أرسم شجر جامح
متحددين بره الصور
ملعونة لحظات الهوس
وحنينه جدا"
ولكنه سرعان ما يصاب باليأس من تلك المحاولات ويقول .
ولا فاضى أنا لفن النحت
والتجريد
والشعبطة فوق السحاب
وغزل الشعر بالحنة
ولا مشتاق لعرض البحر
ولا مشتاق شكل النجوم
المُرهِقة
مر الزمن قدام
شوارعنا القديمة
قدام عيوننا التعبانين
مَر مُر
يااه لبراءة المنظر".
وهكذا تتوالى قصائد ديوان الشاعر طارق سعيد أحمد فى سرد تلك الحالة الصادمة المملوءة باليأس والشك ليصل إلى حالة التشاؤم فى قصيدة "ميت" ويقول :
"إنت مت كام مرة
وقد إيه هاتعيش
ميت".
إلى أن يصل إلى آخر مقطع فى آخر القصيدة قائلا وقد استيقظ الأمل فى داخله ليكتب أول حرف فى اسمه حرف "الطاء".. أول حرف فى اسم الشاعر "طارق سعيد أحمد "، وخلال كل قصائد الديوان ننتقل معه من الأمل إلى اليأس إلى الرجاء ومحاولات استحضار حبيبة غائبة ملامحها تهفوا على خاطره لتعطيه أمل، وفى النهاية الديون رحلة إبحار رائعة خلال محاولات الشاعر الخروج من شرنقة اليأس متلمسا ضوء الحقيقة .