صدر حديثا عن دار الآن ناشرون وموزعون، كتاب تحت عنوان "إن كنت تبحث عن الله"، للكاتب غيث البطيخى، والذى يقع فى (326) صفحة من القطع الكبير.
والكتاب يصدر عن شاب يحاول أن يقدم إجابات على العديد من الأسئلة والتساؤلات التى يطرحها ويثيرها الشباب، وهو لا يقدمها بالأسلوب الوعظى التقليدى، بل على شكل حوارات يتكئ فيها على خلفية ثقافية زاخرة مستمدة من مطالعات واسعة وعميقة لكثير من كتب التراث، والفلسفة، والعلوم الطبيعية، لمفكرين وعلماء كبار، عرب وغير عرب، وهو يحاول إيقاد شعلة الأمل مستندا إلى الإيمان بقدرة الأمة على النهوض، وكأنه يسير عكس التيار السائد فى مجتمعنا.
يقيم المؤلف حوارات فى ثلاثة مواضيع يتمحور حولها الكتاب، وهى: الإلحاد، والتشدد والإيمان، من منظور علمى وفلسفى، أما دوافعه لتأليف هذا الكتاب فهو يشير إلى أنه مثل الآخرين، إنسان سئم التلقين والموروث، والانقياد والانصياع، والقتل والنزاع، وما فرض عليه من ثقافة وفكر دينى، ومل التضارب بين أقوال الناس وأفعالهم، وأنه إنسان تعب من تلك الفجوة بين دينونة البشر وإيمانهم.
ويسأل الكاتب نفسه كيف يدعى الناس الإيمان، وهم يمارسون القتل؟ وكيف يجرؤون على الادعاء أن الله طلب منهم ذلك؟ ويخرج من كل ذلك بنتيجة أن أكثر الناس يفهمون الدين على هواهم، وهم بذلك يشوهون الدين، ويتناقضون مع الفطرة الإنسانية، التى لا تعرف لونا، أو عرقاً، أو جنساً، أو طائفة، أو مذهباً، الفطرة النقية التى لا يحدها مكان ولا زمان، والتى تأبى أن تنحاز لأى طرف أو عنوان، تلك الفطرة التى تعلم أن ما بداخلها، أرقى وأعمق من الاعتقاد بأن الإنسان وليد الصدفة، أو نتيجة احتمال رياضى مردود، الفطرة التى لا تقبل إلا العدل والحق، والتى هدفها الخير كله عاجله وآجله، الفطرة التى يولد عليها الإنسان بلا كراهية، ولا أحقاد، أو عنصرية، أو أقنعة أو أدمغة، تلك الفطرة السوية التى يراها الإنسان فى نفسه عندما يختلى بوجدانه، ويرى نفسه فى بذور حقيقتها وأصول طبيعتها.
ومن خلال بحثه عن تلك الفطرة، بحث الكاتب عن الله، وعن الوجود والخلق، محكما عقله، مستخدما المنطق، وأسلوب البحث العلمى، وأسس العلم الحديث للوصول إلى نتائجه، فوجدها جميعا مترابطة.
ويفصح الكاتب عن هدفه من إعداد هذا الكتاب، نافيا أن يكون كتبه بهدف الدعوة، أو لهدم النظريات السابقة، ولا لاتخاذ مواقف تجاه الآراء المختلفة، بل يريده أن يكون نقطة انطلاق لوضع بذرة أمل فى فهم معاصر للأديان، ربما قد يخالفها من بعض المعتقدات الجوهرية التى وصلتنا من ثقافتنا والكتب الموروثة وغيرها من المعتقدات الشائعة فى زمننا هذا.
ويركز الكاتب على أهمية الحوار بين الناس، الذى من شأنه التقريب بين الآراء، والحفاظ على المشترك بين الناس، والحفاظ على إنسانية الإنسان، فلا يهم إن كنت ملحداً أو مؤمناً، مسلماً أو مسيحياً، دهرياً أو يهودياً، بوذياً أو غير ذلك.
ويرى الكاتب أن الإيمان الحقيقى عبارة عن رحلة، تبدأ بالشك والسؤال والتفكر والتدبر، وتنتهى بمعرفة الحقيقة، واختيار السبيل الأمثل. وأن هذا الإيمان يجب أن يُبنى خطوة بخطوة، حجراً بحجر، وفكرة بفكرة، وبتسلسل منطقى يرتكز بعضه على بعض كالبناء المرصوص.