ننشر قصيدة "للفراغ أقول: انتظرنى" للشاعر عبد المنعم شريف.
انتظرنى ليكملَ حزنى دورتَه
وتختبئ العصافيرُ فى مهجة الليل
حيث السكون الذى لن يعاودَه الصخبُ المتعارفُ..
لست المسيح ليرفعنى الله إلى خلده
وما أنا نوحًا لكى أستطيعَ النجاةَ مِنَ الماءِ
لكننى رجلٌ حافلٌ بالمسافاتِ
أعرفُ مّا يبعثُ الصبح فى روْحِ زيتونةٍ
وما يرسلُ الضوء فى عُمْقِ أرجوحةٍ
ولكنّنى لا أحبُّ النهار..!
وليس الفراغُ فراغَ المكان
ولكنه زمن منتم للأشعةِ لا للعناصر
زمن شاغر من وجود الوجود
ومن ذلك العالم المتداخل
إنى أحس به يا إلهى
أحس به فى غموض المرايا
وفى خفقات الضباب
أراه بآخر روح البحار،
وآخر ظل الخميل
أراقبه فى التماعة عين
تقول لصاحبها: لا تدعنى
أشاهده فى احتراقِ الشهابِ
وفى ذوبانِ الغروبِ على قمةٍ عاليَةْ !
هكذا أستطيعُ مراودة المطلقِ عن نفسه ،
فأحنُّ ، ويحنو الفراغ ، وتتقدُ الشاعريَّة..
ثم يدنو ، ويكأنَّ سلالمَهُ كرمةٌ دانية !
وكأنى سأصعد أبخرةً من ضباب
تشق السماء بخفة سرعتها
فى عروق الزمان !
الفراغُ تموج حقيقته
فى فؤادِ اخضرارِ الأماكنِ
حيثُ الفتاةُ التى استيقظتْ
فى لهيبِ الوجودِ الرتيبِ
تسافرُ فى بقعةِ العالم الشاعريّ!
إنَّها تفتحُ شرفَتَهَا فى انْتظارِ الرسائلِ،
تغزلُ دمعتَها كى ترى الكونَ أرحبَّ،
تعرفُ ما خبأتْهُ القصيدةُ فى قلب شاعرها
من هواءٍ نديٍّ،
وعشبٍ يضيءُ العيونَ افتتانًا
إلى آخرِالأرضِ!
من سوف يشدو معى ليوقظَ هذا البهاءَ
بأرواحِ من يغلقونَ النوافذَ؟!
إنى تعبتُ من العالم الصَلبِ،
متُّ اختناقًا منَ الحربِ،
والناسُ لايدركونَ بأنَّ مدارَ الفراغِ
حياة ، وفجر يمدُّ يَدَ الحبِّ
خالصَةً مِنْ ضغائنَ مَنْ يصنعونَ القنابلَ..
لايدركونَ بأنَّ الفراغ بدائيةُ العيشِ فينا ،
وأغرودة من
صدى العنفوانِ.