ترى المصرية أمل فرح، أن الكتابة للطفل هى أشرف وأرقى وأهم مهنة يمكن أن يمتهنها الإنسان وتتمنى الفوز بجائزة هانز كريستيان أندرسن لأدب الطفل حتى يعبر أدب الطفل العربى إلى العالمية.
فرح (48 عاما) هى الكاتبة العربية الوحيدة المرشحة لنيل جائزة هانز كريستيان أندرسن 2018 وهى أرفع جائزة دولية بمجال أدب الطفل وتحمل اسم الكاتب والشاعر الدنمركى الراحل الذى عاش بين 1805 و1875.
تأسست الجائزة فى 1956 وتمنح كل عامين لكاتب عن مجمل إسهاماته بمجال الكتابة للأطفال. وأضيف إليها فرع الرسوم عام 1966.
وقالت الكاتبة المصرية "هذه الجائزة من نوعية الجوائز التى إذا ترشحت لها تكون بمثابة الحصول على الجائزة فعليا.. أما الفوز بها فسيكون مثل الحصول على جائزة ثانية".
وأضافت "الترشيح للجائزة فتح أمامى أبوابا كثيرة، إحساس أنه أصبح لديك عمر فى هذه المهنة يتجاوز العشرين عاما إضافة إلى ترجمة عدد من كتبى بحسب شروط الترشح لأن لجنة التحكيم تحتاج لقراءة خمسة أعمال على الأقل من أعمال كل مرشح".
تولت فرح بنفسها ترجمة الأعمال المقدمة إلى لجنة الجائزة.
ورشح المجلس المصرى لكتب الأطفال فى دورة 2018 أمل فرح للجائزة فى فرع الكتابة والفنان التشكيلى حلمى التونى (83 عاما) فى فرع الرسوم.
وقالت فرح "إذا فاز أستاذ حلمى بالجائزة فسيكون هذا فوز لى أيضا لأنه أول من ساعدنى على نشر كتاب. بدأت بكتابة قصص أطفال فى دوريات لكن أول كتاب أصدرته كان بفضل حلمى التونى الذى وضع رسومه بنفسه".
وأضافت "إذا ربنا أكرمنا بها ستكون فرصة لعبور الأدب العربى للنطاق والمكانة التى يستحقها عالميا بمجال أدب الطفل".
يتنافس على الجائزة 35 كاتبا وكاتبة من أنحاء العالم. وتعلن لجنة التحكيم القائمة اسم الفائز أو الفائزة على هامش معرض بولونيا لكتب الأطفال فى يناير كانون الثانى 2018.
تشغل فرح منصب مدير تحرير مجلة ميكى فى طبعتها المصرية وكبيرة محررى مجلات ديزنى فى مصر وتقول إنها بدأت الكتابة للأطفال فى 1995 وهو نفس العام الذى أنجبت فيه ابنتها الأولى نسمة، معتبرة أن المولودة الجديدة كانت هى الدافع الرئيسى وراء خوضها هذا المسار.
وقالت "قبل ذلك كنت أكتب الشعر العامى وأشتغل بالصحافة. لكن الكتابة للأطفال بدأت فى 1995 وأنتجت منذ ذلك الحين نحو 37 كتابا وأعتبر أن هذا رقم كبير رغم أنه قد يبدو ضئيلا أمام كتاب آخرين أفنوا عمرهم فى الكتابة للأطفال".
وأضافت "كاتب الأطفال هو أشرف وأهم وأرقى عمل يمكن أن يحصل عليه أحد فى الحياة لأنه يكتب لطفولة العالم".
ومن بين أبرز الكتب التى أصدرتها (نقطة ونصف دائرة وخط) و(السيد ليل والشمس) و(أين اختفى آخر الديناصورات) و(النهايات السعيدة) و(أنا إنسان) و(أريد أن أبكي) و(أريد أن أكون سلحفاة) الذى حصلت عنه على جائزة اتصالات الإمارات لكتب الأطفال.
حصلت فرح على العديد من الجوائز خلال مشوارها منها جائزة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) للتسامح فى كتب الأطفال عام 2002 وجائزة آنا ليند من كندا وجائزة سوزان مبارك فى أدب الطفل.
وقالت "أفتخر بهذه الجوائز جميعها لأنها جاءت من دول ومؤسسات مختلفة وعلى فترات متباعدة وهو ما يمنحنى إحساسا بأننى أسير على الطريق الصحيح. أنا فى حالة مساءلة دائمة للنفس وأحاسبها على كل قصة وحكاية أسطرها للطفل واسأل نفسى هل ما أكتبه يليق بالطفل حقا ويضيف إليه؟".
وأضافت "الخوف من الكتابة للأطفال ينبع من أنه بعد عدد من السنين ستجد نفسك مسؤولا عن شاب لديه عدد من القناعات ترسخت داخله من خلال ما قدمته له فى الكتب وما تضمنتها من قيم ومبادئ وأفكار".
ومن فرط إيمانها بالكتابة للطفل أسست أمل فرح بالتعاون مع زوجها الفنان التشكيلى مجدى الكفراوى دار شجرة للنشرة فى 2015 حتى تستطيع التعبير عن أفكارها وتحقيق أمنياتها للطفل بحرية أكبر.
وقالت "لم أكن أسعى للربح المادى عند تأسيس دار النشر.. فقط كنت أتمنى تقديم مجموعة من الكتب عندما يقرأها أولادى وأحفادى أفخر أمامهم بأننى قدمت نوعية مختلفة من الكتب لكن وجدت أن الأمور تسير بشكل جيد وأن هناك إقبالا كبيرا على تداول كتب الأطفال".
وأضافت "أطلقت اسم (شجرة) على الدار لإيمانى بأن الكتاب الورقى ابن الطبيعة وأن الورقة بنت الشجرة التى لن تنتهى أو تفنى. سيظل الكتاب الورقى هو لب المعرفة مهما تغيرت الأمزجة وتطورت التكنولوجيا".
وعن ارتفاع أسعار مطبوعات الأطفال من كتب ومجلات قالت فرح "هذه إحدى الجمل الجاهزة التى نقدمها مبررا لإهمالنا فى حق أطفالنا وتثقيفهم. ثمن الكتاب قد يساوى ثمن وجبة جاهزة من مطاعم الوجبات السريعة غير الصحية ومع ذلك لا نجد أى غضاضة فى شراء الوجبة لأطفالنا لإسعادهم ونقف أمام الكتاب ونعتبر سعره غاليا".
وأضافت "نردد دوما أن الكتب غالية.. الكتب غالية. كل شيء سعره يرتفع بالتأكيد مع الوقت لكن الكتاب احتياج ضرورى للطفل وليس ترفا. عندما نقدم المال للطفل لشراء كتاب فهذا ليس ترفا.. نحن ندربه على عملية الاختيار وننمى لديه إرادة المعرفة ونعزز لديه مفهوم أن العقل يحتاج أن نملأه تماما مثل المعدة".
رغم تزايد مصادر المعرفة وسهولة الحصول على المعلومات فى عصر الإنترنت إلا أن فرح تشفق على طفل 2017 وتعتبره أقل حظا من الأجيال السابقة.
وقالت "طفل 2017 أقل حظا من الأجيال السابقة لأننا تركناه أسيرا للتقنيات بعيدا عن المهارات. الأجيال السابقة كانت تقدم لهم الفنون والآداب والخدمات المعرفية وبها مساحة للفعل يكون الطفل هو الفاعل حينها".
وأضافت "كان الطفل يمسك الكتاب وهو الذى يرسم صورته وهو الذى يلونه لأن الكتاب فى السابق لم يكن ملونا، وينسج من خياله العلاقات بين الشخصيات ويضفى على كلام كل شخصية نبرة صوت يختارها ويتوقعها أما بعد ظهور المحتوى الرقمى لقصص وكتب الأطفال أصبح الطفل يرى هذه الشخصيات منفذة أمامه وتتحرك فى شكل فيلم أو مسلسل كارتون وتراجع خياله تدريجيا".
وتابعت قائلة "كلما انتقصت من مساحة الخيال عند الطفل قلت قدرته على الإبداع.. يبدع الطفل ما دامت ماكينة الخيال فى عقله تعمل بشكل جيد لكن طفل هذه الأيام يمسك الهاتف المحمول فى يده طوال الوقت ونعتقد أنه كلما برع فى مجاراة الألعاب الإلكترونية فهو ذكى لكن هذا ذكاء آلى يقوم الطفل بتسليم عقله إلى آلة تم تصميمها وتنفيذها بواسطة آخر لكنها لن تتطور وتتقدم بدون تفكيره وإبداعه فإذا لم يكن فاعلا سيتوقف خياله وإبداعه".
لا تجد فرح أى مشكلة فى الكتابة للطفل بأى موضوع شرط اختيار اللغة السليمة والمفاهيم البسيطة والتزام الصدق مؤكدة أن الأطفال يتمتعون بذكاء كبير وقدرة على التمييز بين الصادق والكاذب.
وقالت "الأطفال هم الكائنات النقية الذكية التى تملك قدرة الإنسان البدائى على الاكتشاف والحركة والمغامرة والاندهاش، وتملك فى الوقت ذاته قدرة الإنسان المتحضر على الوعى والسلوك والإحساس، وقدرة الإنسان المستقبلى على الإنجاز".
وعن خططها تقول فرح "أعمل حاليا على وضع كتاب عن الموت لفئة اليافعين من 9 إلى 12 عاما كما أكتب أول رواية لأطفال سيكون عنوانها ‘قالت الراوية‘ وأتمنى الانتهاء منها قبل نهاية هذا العام لأنى أتوسم أنها ستشكل مرحلة جديدة فى كتاباتى".