قد كنتُ أكتبُ
فانسكبتُ على الحروفِ
أجرُّ رُوحى نحو هاويتى
وخلتُ بصيرتى حبرًا
فجَفَّفْتُ الذى قد سالَ مِنّى فى الملاءَةِ؛
خشيةَ الأصحابِ
إنْ جَهِلُوه جَارُوا
وأقولُ ماذا لو رأوه فأبلغوا أمى
وأمى كم تقرِّعُنى
لأنى كلمَّا جَفَّتْ فراشاتٌ على بابى ارتعشتُ
وكلما ارتعشتْ يداى سكبتُ حِبرى فوق قمصانى
وقلتُ كتابةٌ هذى وأحرفُها الدوائرُ،
سرُّها بَوْحٌ .. وزَلَّتُها انتصارُ
أخشى على القمصانِ من هذا البياضِ
مُمَدَّدًا كالموتِ
أخشى أن تنالَ عناكبُ البيتِ القويّةُ من فراشاتى
وأخشى أن أدلَّ سواى يا أمى على
فيحتمى بالتيهِ خوفَ التيهِ
يأوى للذى ظنَّ الفرارَ إليهِ ينجيهِ
فيخذلُه الفرارُ
نَهَمًا يلفُّ العنكبوتُ فراشةً ضَلّتْ
وظنَّتْ فى النسيجِ الغَضِّ
فرصتَها لتنجوَ من حبالِ النورِ
لم تكبرْ لتعرفَ أنَّ للظلِّ الحبائلَ ذاتَها
ضلّتْ ولم تكبرْ لتعرفَ أنَّها للتيهِ خوفَ التيهِ تأوى
والذى قد كنتُ أكتبُ بالبصيرةِ
خلتُه حبرًا
فجففتُ الذى قد سالَ منه فى الملاءةِ،
وانتهيتُ ..
ورُفْقَتى مروُّا على
وخبَّأونى فى ملامحِهم
وداروا
حولَ روحى ساعةً
داروا على بكأسهم، شربوا،
وداروُا.
وبُعِثْتُ وحدى
مثلما قد مِتُّ وحدى
عالقًا فى مخلبِ الطيرِ القوى كأننى رؤيا
وجئتُكِ يا ابنةَ الأرقامِ جئتُكِ
وانسكبتُ لديكِ ..تأويلى نخيلٌ
غيرَ أنّكِ قد بَذَرْتِ الملحَ والأحجارَ
والخبزَ المُسمَّمَ والفِخاخَ
وقلتِ: بل هذا هو التأويلُ يا رؤيايَ
صدقني، أحاصرُ فيكَ نرجسةً
وينقذُكَ الحصارُ.
وأصيحُ فى عينيكِ:
مَنْ دلَّ الشَّغَافَ عليكِ
يا سِكِّينُ مَنْ؟!
فسَّرْتِنِي؛ فوقعتُ مُنطفئًا هَوَىً
وأنا الذى قد كنتُ ما قد كنتُ
فى الظلماتِ وحدى
زيتَ قنديلٍ أضاءَ
وقبلُ لم تَمْسَسْهُ نارُ
ووجدتُ فى لَوْحِى سطورى
مُشْرَعَاتٍ كالسيوفِ؛
تخافُ أن تَصْدَا فتطعنُ
كانَ مكتوبًا بها:
قد قيلَ علّمَ ربُّك الأسماءَ آدمَ
علّمَ الأسماءَ،
علّمنى الذى ما كنتُ آملُ أو أحبُّ
غدوتُ بئرًا
مائى الكلماتُ تهدِرُ
كلُّ عاشقةٍ دِلائي
والمدارُ الوردُ
والشوكُ القرارُ
ضلَّتْ خُطاى إليكِ
وانفرطتْ عُقودى ساعةً
تحتَ الثريا والذئابُ تَحَسَّسَتْنِي
-لم يجبْهُم فى دمى خوفٌ
فأصلحَ للعشاءِ-
وأَجَّلُونى ريثما يأتى نهارُ
عبثًا ذكرتُكِ حينما انفجرتْ بذاكرتى الكواكبُ..
والسواديمُ اشتهتني
وانحنيتُ عليكِ أجمعُ ما تبقى
من نِثَارِكِ فوق عُشْبِ القلبِ يا قلبي
ويخذلنى النِثارُ
يا ناسُ مفتونين كُنّا
والحقيقة غضَّةٌ خَجْلَى هنالك
واستواءُ النهدِ
دمعٌ سائلٌ
جمرٌ جداولُ
لوعةٌ منفىً ودارُ
لا.. لا تلومنا فإنّا نبتُ آدمَ لم يُعِرْنا ما تعلّمَ،
لم نجدْ إسمًا لنسكنَه
فنحمى من أعادينا السفينةَ حينَ نخرقُها
ولم نقتلْ غلامًا خشيةً مما يكونُ
وفوقَ أرؤسنا هنا
انقضَّ الجدارُ
لا.. لا تلومونا
فموعدُنا غدًا
وغدًا سيأتى
خاليًا من شبهةِ الماضى
سيأتى عادلًا رحبًا نديًّا
أخضرًا يأتي
وإنْ طالَ انتظارُ