قال الأثرى على أبودشيش، عضو اتحاد الأثريين المصريين، إنه منذ أكثر من قرن مضى كان ماضى مصر كتابا مغلقا ولم يكن أحد يستطيع أن يفك سر الرموز الموجودة على الآثار والتماثيل المصرية.
وأوضح على ابو دشيش، فى تصريحات خاصة لـ "انفراد"، كما لم تكن الحفائر قد بدأت بعد وكان كل ما نعرفه أو نملكه عن الحضارة والديانة والعادات المصرية القديمة من كتابات المؤرخون والرحالة أمثال هيرودوت وديودور وسترابون، الذين زاروا مصر فى فترة انحلالها، ولم يروا منها سواء نهاية حضارتها العريقة ولم يكن لديهم المعدات والآليات حينئذ للقيام بعملهم وترجمة النصوص المصرية القديمة، لأنهم كانوا يجهلون قراءة الوثائق القديمة للبلاد فكان اعتمادهم على روايات قاموا بسماعها من المواطنين فدونوا ما سمعوا وما رأوا، ومن هنا كانت المعلومات التى توصلوا إلى جمعها من إنحاء مصر.
وتابع أبو دشيش، وبالرغم من طرافتها وأهميتها الكبرى بالنسبة لنا فى معرفة ولو القليل عن تاريخنا حينئذ فلا تستطيع أن تجعل هؤلاء يكونون صورة حقيقة عن مصر القديمة فقد كان المصريين بالنسبة لهم أكثر الناس تدينا، إذ أن المعابد الضخمة والكهنة مشغولين دائما فى الإعمال المقدسة والعقيدة التى سادت عن الحياة والعالم الأخر والاستعدادات القوية لبناء وتشيد المقبرة والاهتمام بالآخرة عن الحياة الدنيا.
وأكد على أبو دشيش، أن كل هذه الأشياء دفعت هؤلاء المؤرخون والرحالة إلى الاعتقاد أن المصريين القدماء تتركز أفكارهم فى أسرار الوجود واهتمامهم بالحياة الأخرى وعدم الاهتمام بالحياة الدنيا وقد ظلت هذه الفكرة سائدة خلال العصر المسيحى وبالتالى ملأت مصر العقول بالخوف والرهبة العجيبة وظلت سرا خافيا بالنسبة لعموم البشر، ولكن بعد أبحاث شاقة قام بها علماء مختلفون ودراسات قام بها عالم الآثار الإنجليزى توماس ينج تتصل باسم بطلميوس فى الكتابات المصرية القديم بخطها الهيروغليفى من نقوش حجر رشيد، الذى عثر عليه فى قلعة سان حوليان بمدينة رشيد وتبعة شامبليون فى كتابة المشهور letter m.decier، الذى نشرة عام 1822، ليبين فيه طريقة الكتابة المصرية القديمة وفك إسرارها، وهو الأمر الذى حير جموع العالم والمهتمين بالحضارة المصرية القديمة وتبع معرفة الهيروغليفية القيام بالحفائر المنتظمة ومن ذلك اليوم حتى الآن امتلأت متاحف العالم أجمع بكنوز المصريين القدماء التى تذهل العقول.
ويقول على أبو دشيش، إن أول معالم التاريخ المصرى هى مجموعة الآثار فى الأسرة الرابعة وهى أهرام الجيزة وتمثال أبى الهول وما يحيط به من مقابر، تكشف لنا عن حياة المصريين وتقدمهم أثناء جهل معظم جموع العالم فى كل العلوم والفنون.
وأشار أبو دشيش، أن الجميع ظن تقدم المصريين وتطور الحضارة كان من الأسرة الثالثة إلى الرابعة تطور مفاجئ، ولكن الكشوف المحيطة بهرم زوسر فى سقارة أثبتت أن إلى الفن والعمارة فى الأسرة الثالثة قد وصلت إلى قمة عالية ورغم ذلك فأن آثار الجيزة لا تزال تحدد الذروة، واستطاعت الحضارة أن تصل إليها فى تلك الفترة البعيدة والتى بدأ الاضمحلال فى إعقابها، وترتفع أهرام "خوفو، وخع اف رع، ومن كاو رع"، بقامتها إلى السماء فوق صخور الهضبة على الضفة الغربية من نهر النيل عند حافة الصحراء، وهكذا تظل أهرام الجيزة إحدى عجائب الدنيا أشد آثار الماضى تأثيرا فى النفس إذ إن المتأمل فى هذه الأبنية الضخمة سواء شهدها فى ضوء النهار الساطع أوفى الليل حين يسبغ عليها القمر بريقا فضيا أو من قمة تلال المقطم عند غروب الشمس حيث تظهر قرمزية فى بحر من الذهب، ومن هذا فيمكن اعتبار الهرم وما حوله من مقابر كرمز مادى متماسك يدل على عظمة هذه الفترة من الحضارة المصرية.