اتفق عدد من الأدباء والمثقفين على أن قرار قطع العلاقات مع قطر، فشح مرشحها لمنصب مدير اليونسكو أمام العالم، والذي من المقرر أن يتم اختيار الفائز بهذا المنصب بعد إجراء اقتراع سرى خلال الدورة الثانية بعد المائتين للمجلس خلال أكتوبر 2017، ليتم الإعلان عن اسم المرشح أو المرشحة الفائزة خلال المؤتمر العام في دورته التاسعة والثلاثين، فى نوفمبر2017.
في البداية رأى الناقد الكبير الدكتور صلاح فضل، أن قرار قطع العلاقات مع قطر، هو أكبر ضربة لمرشحهم القطري على منصب مدير عام اليونسكو، موضحًا في تصريحات خاصة لـ"انفراد" أن رؤيته مبينة على عدة نقاط هي كالتالي:
أولاً: من الواضح أن العداء القطري للدولة المصرية وسعيها الحثيث لبث الفتنة والفرقة وإشعال الحرائق الإرهابية بها، لم يكن مجرد موقف عارض مزاجي لأمير قليل الخبرة لدويلة صغيرة تريد أن تأخذ أكبر من حجمها على الساحة العربية والدولية، وإنما كان عمالة منظمة لقوى صهيونية واتجاهات استعمارية تبغي تمزيق أوصال الأمة العربية وتفتيت دولها لصالح إسرائيل، واتخاذ الربيع العربي ذريعة ووسيلة لذلك.
ثانياً: الموقف الاجماعي الذي اتخذته مصر والسعودية والإمارات والبحرين والأردن وغيرهم لابد أن يكون نتيجة لافتضاح أمر هذا الدور بالوثائق الدامغة والقرائن القاطعة التي ترقى من مستوى الشبهة إلى الإدانة العالمية الحقيقية، ويوم سيكشف عن هذه الوثائق والقرائن سوف يتضح أن هذا الإجماع لا يأتي صدفة وبدون أدلة قاطعة.
ثالثًا: تحول الموقف الأمريكي بتغير الإدارة أوباما إلى عصر ترامب كشف الغطاء عن التواطئ الذي كان قائمًا ووضع قطر في موقف مفضوح عندما تخلت عنها حليفتها الكبرى المناصرة لإسرائيل عزوفًا وترفعًا عن مناصرة الإرهاب بشكل واضح وصريح لأنه سرعان ما ينقلب على من يناصرونه ويدمر القوى التي تطلق عقاله، تخلي ترامب عن حليفته الصغيرة أكبر ضربة قاسمة للنظام القطري عرى فضائحها وكشف موقفها الإرهابي.
رابعًا: يترتب على ذلك أن مصداقية قطر ونظامها على المستوى الدولى أصيبت في الصميم، فالمجتمع الدولي لا يقبل على الإطلاق أن تكون الدويلة الراعية للإرهاب والممولة له والمنظمة لحركاته هي التي يمكن أن تتصدر للمشهد الدولي لكي تطمح إلى الحصول على موقع في اليونسكو أو غيره من المؤسسات العالمية التي تهدف للسلم والتنمية والتقدم البشري.
وأضاف صلاح فضل: ومع ضعف المرشحين العرب عمومًا لتنافسهم وعدم وحدتهم وبروز مرشح للاتحاد الأوروبي من فرنسا، تنخفض أسهم المرشح القطري إلى الصفر مهما تذرعوا بالرشوة أو اتخذوا الفساد وسيلة لإغراء بعض الدول الصغيرة للتصويت لصالحهم، وأحسب أن أكبر ضربة قاضية للتطرف الديني والإرهاب الدولي والتنظيمات التي تديرها أجهزة المخابرات وتقف ورائها القوى الصهيونية هو ما حدث في الآونة الأخيرة لقطر وافتضاح أمرها في مناصرة هذه الجماعات الإرهابية.
وقال الكاتب الكبير محمد إن المرشح القطري لم يكن هو المنافس الأكبر لمصر، فقد كانت المرشحة المصرية متقدمة عليه بشهادة كل ما نشر عن اللقاءات التي أجراها المجلس التنفيذي لليونسكو مع المرشحين التسعة، مضيفًا: وأنا أشير لما نشر في الصحافة الأجنبية، وليس الصحافة المصرية، فقد تفوقت السفيرة مشيرة خطاب، على المرشحين العرب جميعاً وعلى من كنا نظنهم منافسين كبار من المرشحين غير العرب، كما أن الحملة التي قامت بها المرشحة والزيارات التي تمت بجميع عواصم الدول الأعضاء في المجلس التنفيذي الذي سيقوم بانتخاب المدير العام الجديد لليونسكو، في نوفمبر القادم، شهدت بشكل واضح على تفوق المرشحة المصرية الأمر الذي لا يختلف عليه أحد.
ورأى محمد سلماوي أن المشكلة الحقيقية هى مشكلة سياسية، وهذا رأيي الشخصي وهى تتلخص في أن الغرب لن يقبل مرشح من العالم العربي الإسلامي الذي ترفضه إسرائيل بسبب ملف القدس المتفجر، والذي ساهم بالفعل في مواجهات مستمرة أو متكررة بين اليونسكو وإسرائيل حول عمليات تهويد القدس التي تجري، ومحاولات طمس التراث العربي لهذه المدينة التاريخية العتيقة بينما الحفاظ على التراث هو من أهم مسئوليات اليونسكو.
وأضاف محمد سلماوي: وقد تمت هذه المواجهات في ظل وجود مدراء لليونسكو من أوروبا واليابان وغيرهم، فما بالك إذا ترأس اليونسكو مدير من دولة عربية إسلامية الذي يعاني مما تقوم به إسرائيل، هذا هو السبب الحقيقي للتصدي المتكرر لأي مرشح عربي يقترب من الفوز بهذا المنصب، ومن السذاجة أن نعتقد أن سبب التصدى لفاروق حسني مثلاً، كان تلك المقولة التي أخرجت من سياقها حول الكتب الإسرائيلية، والتي اعتذر عنها على أي حال، لكنها ظلت تكئة لشن الحملة ضده ووضع المتاريس في طريق وصوله إلى هذا الموقع.
وقال محمد سلماوي: اتفاقًا مع هذا المنطق وبعد أن ثبت تقدم المرشحة المصرية بشكل كبير قام الرئيس الفرنسي السابق، فرانسوا هولاند، قبل إغلاق باب الترشيح بساعات بترشيح وزيرة ثقافته لهذا الموقع خارقًا بذلك عدة أعراف، أولها وجوب بقاء دولة المقر على الحياد، في مثل هذه المعارك، وثانيًا: عدم استحواذ الدول الكبرى على رئاسة أكثر من منظمة دولية في نفس الوقت، وثالثاً: عدم قبول مبدأ التداول في رئاسة هذه المنظمات، حيث رأست أوروبا اليونسكو ست مرات منذ إنشائها عام 1945، ولم ترأسها المناطق الجغرافية الأخرى إلا مرة واحدة، بينما لم يرأسها أحد من العالم العربي على الإطلاق.
وأضاف محمد سلماوي: هذا هو الخطر الحقيقي الذي نواجهه، المرشحة الفرنسية هى ابنة عائلة يهودية من أصول مغربية ذات نفوذ واسع في الدوائر السياسية وكأنه تم اختيارها لقطع الطريق على المرشحة المصرية، التي هي امرأة مثلها، وعربية الأصول مثلها أيضًا، من أجل كل هذا.
وتابع محمد سلماوي: فأنا أعتقد أن معركة اليونسكو هى معركة سياسية في الأساس، ما لم يتم إدارتها على أعلى المستويات السياسية فلا ضمان للفوز فيها، المعركة ليست في محاولة كسب أصوات مندوبي الدول الـ57 أعضاء المجلس التنفيذي، وإنما في إجراء الاتصالات الواجبة مع عواصم تلك الدول واستخدام كل الوسائل السياسية في الحصول على تأييدها.
وختم محمد سلماوي تصريحاته قائلاً: إن أمامنا الآن بضعة أشهر وهي كافية في رأيي الشخصي بعد أن أثبتت المرشحة المصرية جدارتها لأن تدخل معركة اليونسكو طورًا جديدًا على المستوى السياسي الذي تحدثت عنه.
وقال الكاتب والباحث السياسي الدكتور عمار على حسن، إن قطع العلاقات مع قطر، سيكون له تأثير كبير على فرص المرشح القطري في معركة اليونسكو، لصالح المرشحة المصرية، السفيرة مشيرة خطاب.
وأوضح عمار على حسن، أن الدوحة كانت تعول على مساندة قوية من دول مجلس التعاون الخليجي في معركة اليونسكو، لكن هذه الدول لاسيما السعودية والإمارات سوف تكون معنية بعدم تمكين المرشح القطري من الفوز منصب مدير اليونسكو، لأن هذا سيدعم موقع ومكانة قطر دوليًا.
كما أوضح عمار علي حسن أن هذه المسألة تعمل الرياض، وأبوظبي تحديدًا على تقويضها الآن، خاصة بعد اتهامهما إلى جانب مصر والبحرين لقطر برعاية الإرهاب، لأن مثل هذا الاتهام له تأثير على الثقافة بشكل عام.
وأشار عمار علي حسن إلى أن جزءًا من مكافحة الإرهاب يعتمد على الحلول الفكرية والثقافية، لكن ليس بالضرورة أن هذا سيصب مباشرة في صالح المرشحة المصرية لليونسكو، بل قد نجده يتجه لدعم المرشحة الفرنسية التي تبدو الأكثر حظًا بين المتنافسين حتى الآن.