تبدأ رواية "العادى" أحداثها فى رحلة إلى الجبل، حين يحاول "العادى" البحث عن المال فى مواجهة محفوفة بالمخاطر مع الضباع.
وتعتبر رواية "العادى" الإصدار الروائى الجديد لـ أيمن عبوشى، عن دار فضاءات للطباعة والنشر والتوزيع بالأردن، والتى صدرت فى يونيو الماضى.
تدور أحداث الرواية حول رجل فقير يبحث عن المال فى بطن الموت، عندما يقرر الذهاب إلى الجبل مع زمرة من الفرسان هم: "حديد وبرجس وطفس" وذلك لنصب كمين للضباع بطريقة يبتكرها شيخ القرية ابن فيّاض، حيث تقضى الخطة بأن يقتل الفرسان أحد الضباع من أجل كبح خطرها المتزايد على قرية "الهدادي" فى مغامرة لا يمكن معرفة نتائجها، لكن ما تلبث هذه الرحلة القصيرة أن تصبح نقلة فى حياة العادي، الذى يجعل السرد منه تارة بطلا، وأخرى دجّالا يفقد احترام أهل القرية له.
التفاصيل العديدة التى يضعها الكاتب أيمن عبوشى فى النص، تتبلور أخيرا فى الجزء الأخير من الرواية لتجسد الخرافة وفق مخيلة العقل الجمعى فى قرية بعيدة عن المدينة تقبل التأويلات باختلاف منطقها، فيتبدى فى نهاية "العادى" تحولا دراماتيكيا يفاجئ القارئ.
اعتمد الكاتب فى روايته على الأسماء وما تحمله من معانى وكيف تصنع مستقبل أصحابها أو تعبر عن واقعهم، حيث قسّم فصول الرواية إلى الأسماء الستة التى منحها الناس للعادي، بدءا بوالده الذى رأى فى اسم ابنه العادى أو المعتدى إشارة كافية للمعنى كى يحميه من شرور الناس.
وفى الرواية يقول عبوشى: "أسماه أبوه، العادى، ساعة ولدته أمّه بين الأشواك فى الخلاء، أراده معتديا وغازياً يحمل اسمه نصيبا من الشجاعة والخشونة، ولم يرده مظلوما ومنكسرا كما كان هو، اختار له اسما يثير الخوف فى قلوب الناس".
لكن الكاتب يعود ويقول بعد بضع فقرات: "وعلى عكس ما تمناه أبوه.. دجّنه الشقاء وطحنه الفقر.. ومع الزمن ذاب العادى فى تفاصيل الهدادى الصغيرة المنزوية بين جبال كثة وشاهقة، وأحاديث أهلها الضجرين المعتدّين بأنفسهم..".
وعندما يقطع العادى رأس قائدة الضباع، "السودا" يسميه الشيخ ابن فيّاض: ذبّاح السودا، لكننا نقرأ فى النص ما يقوله العادى لنفسه قبل أن يصعد إلى الجبل: "خطر فى بال العادى أن ابن فيّاض سيناديه، من اليوم وصاعدا، باسم "شباط"، هذا إن نجا من الموت فى هذا الشهر المنحوس".
وهكذا منح الكاتب، الشخصية الرئيسة فى الرواية أسماء عديدة، "العادى وذبّاح السودا وخيبة شباط، وأبو على وغيرها" ولكل اسم، قصة يكتشف القارئ من خلالها المزيد من الإجابات حتى يصل إلى ذروة الرواية فى نهايتها ويكتشف المسافة الشاسعة التى تفصل الأسماء عن أصحابها.
ويبدو أن كاتب العمل الذى يختار بيئة نائية لروايته يجاهد باحثا عن تعريف للأسطورة ومسبباتها فى العقل العربى الذى بات يبنى كثيرا من استنتاجاته على هالتها.