"إن بطل زماننا ليست صورة لرجل واحد، بل صورة تضم رذائل جيلنا كله.. وإذا قال أحد إن الأخلاق لن تجنى من ذلك خيرا، فلا تتعجلوا، فطالما غذى الناس بالحلوى حتى فسدت معدهم، ويجب عليهم الآن أن يتناولوا العقاقير المرة، وأن يتقبلوا الحقائق اللاذعة،لقد أردت على سبيل التفكه أن أرسم صورة لإنسان هذا العصر كما فهمته، وكما رأيته فى أغلب الأحيان" هذا ما كتبه الكاتب الروسى الشهير ليرمنتوف فى مقدمة روايته الشهيرة "رجل من هذا الزمان".
يعرف الجميع الشاعر الروسى ميخائيل ليرمنتوف الذى عاش فى الفترة بين "1814 و1841"ورغم ذلك لا يزال اسمه يملأ الدنيا ويشغل الناس.
بدأ الناس يعرفون ليرمنتوف منذ أن كتب قصيدته "موت شاعر" عن الشاعر الروسى الكبير الذى مات فى مبارزة، وكانت نتيجة هذه القصيدة أن غضبت السلطة وقامت بنفى ليرمنتوف إلى منطقة القوقاز بعد إجراء تحقيق معه عقابا على قصيدته التى تداولها الناس فى جميع أنحاء روسيا.
وفى منفاه البعيد مارس ليرمنتوف إلى جانب كتابة الأشعار الرسم بالألوان المائية والزيتية وأبدع الكثير من اللوحات الجميلة المعبرة، قبل أن يتمكن من العودة إلى مدينة بطرسبورغ بفضل مساعى جدته وشفاعة الشاعر فاسيلى جوكوفسكي.
وفى عام 1840 استطاع مناهضو ليرمنتوف أن يدفعوه إلى المشاركة فى مبارزة مع ابن السفير الفرنسى بارانت من تدبيرهم فقررت السلطات نفيه مرة أخرى إلى القوقاز.
وبعد عودته توقف ليرمنتوف فى بياتيغورسك للعلاج. وفى هذه المنطقة تشاجر الشاعر مع زميله فى الدراسة مارتينوف وقتل فى مبارزة معه فى أواخر يوليو 1841.
ورغم الفترة القصيرة التى قضاها ليرمنتوف فى عمله الأدبى والتى لم تتجاوز 13 سنة، والحياة الصاخبة التى عاشها فى منطقة القوقاز إلا أنه تمكن من كتابة الكثير من القصائد الجميلة، ومنها "أسير القوقاز"، و"الشركسى"، و"الخريف"، و"الشراع"، و"القرصان"، و"النخلات الثلاث"، و"النبى"، و"الخنجر"، و"الشاعر"، و"الشيطان".
كما كتب ليرمنتوف مسرحيتى "حفلة تنكرية"، و"الشقيقان". وأبدع ليرمنتوف رواية "بطل من زماننا" التى اشتهر بها فى جميع أنحاء العالم، وأثبت من خلالها بأنه دخل تاريخ الأدب الروسى والعالمى ليس كشاعر عملاق فقط بل وكناثر لامع ومؤلف مسرحى بارز، وعندما ظهرت رواية "بطل زماننا" فى مكتبات مدينة سانت بطرسبورغ حظيت برواج سريع لأن المعاصرين كانوا راغبين فى معرفة الشخص الذى وصفه ليرمنتوف بأنه بطل هذا الزمان، وهذه الرواية أعيد طبعها مرات لا تحصى باللغة الروسية ولغات شعوب الاتحاد السوفيتى السابق، وترجمت إلى جميع لغات العالم تقريبا.
وحاول ليرمنتوف الذى لم يتجاوز عندما كتب هذه الرواية الخامسة والعشرين من عمره أن يرسم صورة واقعية لأبناء جيله فتركت روايته أثرا عميقا فى حياة الكثير من الأجيال التالية.