أصدرت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، إيسيسكو، بياناً بمناسبة اليوم العالمى لمحو الأمية، الذى يصادف الثامن من سبتمبر من كل سنة، ذكرت فيه أنها أجرت تقييماً شاملاً لمسار محو الأمية فى الدول الأعضاء، منذ المنتدى العالمى للتربية المنعقد فى داكار عام 2000، وذلك من أجل تجويد هذا النمط التربوى لتحقيق مفهوم التربية للجميع فى مرحلة ما بعد 2015، مع وضع البرامج الخاصة بمحو الأمية فى صميم أهداف التنمية المستدامة فى أفق 2030، وبخاصة الهدف الثامن الذى ينصّ على تعزيز النمو الاقتصادى المطرد والشامل والمستدام للجميع، والعمالة الكاملة والمنتجة، وتوفير العمل اللائق للجميع.
وأشار البيان الصادر عن الإيسيسكو إلى أن مختلف التقارير المتخصصة تؤكد الارتباطَ القوى بين التربية والنمو الاقتصادى، حيث تـعـدّ التربية عاملاً من عوامل الإنتاج التى تساهم بشكل كبير فى زيادة وتيرة النمو الاقتصادى، إذ يتم الربط بين متوسط مستوى تعليم السكان والنمو السنوى للناتج الداخلى الخام للفرد.
وجاء فى البيان أن تحليل أوجه العلاقة الراهنة بين محو الأمية وقطاع الشغل والنمو الاقتصادى فى العالم الإسلامى، يكشف عن أن شريحة واسعة من السكان النشيطين، لاسيما فى القطاع الإنتاجى الأول الذى يشمل الزراعة والصيد البحرى، لا تستفيد بالشكل المطلوب من خدمات التربية، وفى مقدمتها محو الأمية والتربية غير النظامية، وهو ما يمنعها من التطوير الكامل لمهاراتها ومن تحسين تنافسيتها لتحظى بالتقدير فى قطاع الشغل.
وذكر البيان أن الأمية فى الأوساط النسوية لا تزال هى الحلقة الأضعف فى النسيج الاقتصادى لغالبية دول العالم الإسلامى، رغم ما تتميز به المرأة من إمكانات ذاتية، تؤهلها لتصبح عنصراً نشيطاً فى الاقتصاد الوطنى، وذلك لكون الإناث لا يتمتعن إلا بالنزر اليسير من ثمار محو الأمية، وهو ما يحدّ من أدائهن على مستوى الإنتاج والإدارة على حد سواء.
وأشار البيان إلى أن العلاقة بين محو الأمية وقطاع التدريب الفنّى والمهنى الذى من شأنه تأهيل الموارد البشرية وتعزيز فرص الشغل والإنتاج بين المتحررين من الأمية، تظل غير واضحة المعالم فى عدد من الدول الأعضاء.
ودعت الإيسيسكو إلى اعتماد الإجراءاتِ الفعالةَ الملائمة على مستوى سياسات محو الأمية وممارساتها بارتباط وثيق مع قطاعَى التدريب المهنى والاقتصاد على حدّ سواء، والعمل على الربط الوثيق بين الخطط الوطنية لمحو الأمية ونظيراتها فى مجال التنمية فى قطاعات الاقتصاد الثلاثة الرئيسة.
ودعت الإيسيسكو إلى أن تستند برامج محو الأمية والتربية غير النظامية فى أوساط الكبار والمراهقين غير المتمدرسين والمنقطعين عن الدراسة، إلى المرجعيات الخاصة بمهارات الحياة اليومية للمستفيدين، وأن تركز على سوق العمل فى عدد من الميادين، من بينها الزراعة وتربية الماشية والصيد البحرى والصناعة التقليدية والموارد الطاقية والمعدنية، حتى يكون لوحدات التدريب المرتكزة على الأنشطة المدرة للدخل لفائدة النساء، والمشفوعة بإجراءات الدعم لما بعد الإدماج، الأثـرُ الكبيرُ فى تعزيز فرص الشغل والنمو الاقتصادى فى أوساط النساء.
وأوصت الإيسيسكو بتعزيز نظم محو الأمية والتربية غير النظامية بمؤشرات عالية الجودة فى مجال المتابعة والتقييم، وإنشاء مساقات دراسية بين برامج محو الأمية والتدريب المهنى والتقني، ومع نظام التربية النظامية، وبإرساء شراكة فاعلة بين قطاع محو الأمية والتدريب المهنى وأرباب العمل، من أجل الاستجابة للاحتياجات الحالية والمستقبلية لمتطلبات الشغل.
ودعت الإيسيسكو إلى ضرورة مواكبة الحركية الحديثة لقطاع الشغل والمتميز بالتنافسية العالمية وعولمة الأسواق، حيث أصبح لزاماً فى ظل إرساء تكنولوجيا المعلومات والاتصال واستخدامها فى مجال الشغل، أن يُراعَى فى ممارسات محو الأمية، البُعـدُ المتعلق بمحو الأمية الرقمية، وذلك حتى يتم الدمج بين تعلم المعارف الضرورية فى القراءة والكتابة والحساب، واستخدام هذه التكنولوجيات بوصفها أدواتٍ للعمل فى مجال الشغل المنتِج.
وأوصت الإيسيسكو بإدماج البعد الخاص بملاءمة بيئة العمل فى التدريب فى مجال محو الأمية، بحيث يتلقى العمال والمتعلمون المتطلباتِ الجديدةَ للتأهيل المهنى التى تشمل معايير الجودة والسلامة، مع إعادة هيكلة العمل وطرق الإنتاج ذات العلاقة مع الأدوات المعلوماتية.
وأكدت الإيسيسكو أن تعزيز النمو الاقتصادى المطرد والشامل للجميع والمستدام، والعمالة الكاملة والمنتجة، وتوفير العمل اللائق للجميع، كل ذلك يندرج فى إطار فلسفة التنمية البشرية المستدامة التى تتعدى مجرد النمو الاقتصادي، مع ما ينطوى عليه من احتمال حدوث فوارق على الصعيدين الاقتصادى والمجتمعي، مؤكدة على وجوب أن تهدف برامج محو الأمية، فى توجهها نحو تحقيق النمو والإنتاجية، إلى تأكيد طابع الشمول من خلال مراعاة الفئات المهمشة المتمثلة فى النساء وذوى الاحتياجات الخاصة وسكان الأرياف والمناطق النائية ومناطق النزاع وغيرها.
وشدد بيان الإيسيسكو على ضرورة تجاوز استراتيجيات محو الأمية، المفهومَ التقليدى للاقتصاد، وأن تنخرط فى حركية “النمو الأخضر”، والتماسك الاجتماعي، فضلاً عن القطاعات الاقتصادية للتنمية، وذلك من خلال إدماج أبعاد التربية البيئية والصحية ورفاهية السكان، والتربية على القيم الإنسانية المشتركة، وغيرها فى وحدات مرحلة ما بعد الأمية.