مع ظهور بعض الجوائز الأدبية الجديدة، مثل جائزة مؤسسة بتانة الثقافية والتى تعتمد فيها على الجمهور كمعيار أساسى لأختيار الفائزين بالجائزة، شهدت حالة من الجدل بين الكتاب والمثقفين، حول أختصاص الجمهور فى تقييم الأعمال الفنية والأدبية.
حالة الجدل جددت حالة التحفظ المستمرة على اختيارات لدى العديد من الكتاب والمثقفين، سواء فى التصويت على الجوائز الأدبية، أو قوائم "البيست سيلر"، والتى توجه عددا من الاتهامات بأنها تشير للأعمال الضعيفة، والتى تظهر كنوع من الوصاية على اختيارات الجمهور واتهامه بالوعى غير الكافى.
وحول هذا الموضوع يقول الناقد الدكتور صلاح السروى، أستاذ الأدب العربى الحديث بجامعة القاهرة، إن تخوف بعض الكتاب والمثقفين من حكم الجمهور فى المسابقات، أو غيرها، يرجع لأن رأى الجمهور إنطباعى وليس فنى وجمالى.
وأضاف "السروى" فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"، رغم أن دور الجمهور أساسى لنجاح أى عمل أدبى وفنى، وذلك لأن الكاتب يكتب لكى يُقرأ إلا أن النجاح الجماهيرى ليس معيارا على أنه عمل رائع، والعكس أيضا فعزوف الجمهور عن عمل ليس لأنه عمل فنى عظيم.
وأوضح أستاذ الأدب العربى الحديث بجامعة القاهرة: "احنا معندناش جمهور"، مرجعا ذلك لحجم المبيعات الضعيف والمحدود على حد تعبيره، مشيرا إلى أن كبار الكتاب مثل نجيب محفوظ يوزع حوالى 3000 نسخة سنويا وهو رقم ضعيف جدا.
فيما قالت الدكتورة أمانى فؤاد، أستاذ النقد العربى الحديث بأكاديمية الفنون، إن تصويت الجمهور فى الجوائز الأدبية العربية ليس أساسا للقيمة الفنية، لأن العواطف تتحكم فيه، إضافة إلى مشاعر القومية والعصبية العرقية أو الجغرافية، ومن ثمّ يكون هناك تخوف لدى كثيرين من الأدباء من فكرة الاحتكام لتصويت الجمهور، لأنهم ليسوا متخصصين.
وأشارت أمانى فؤاد، إلى أنها ترى أن الجوائز فى البلاد العربية بشكل عام لها حساباتها الخاصة، وفى الغالب تقوم على التوازنات والموائمات، التى تكون بين الكتاب ومنظمى الجائزة أو القائمين عليها، موضحة أن تحديد القيمة الفنية للعمل بالنسبة للجمهور أمر نسبى ومتفاوت، فهناك جمهور يعى القيمة الفنية للأعمال الأدبية، وآخرون لا تتوفر لهم المعرفة والوعى الكافية لهذا، مشددة على أن التذوق الفنى للجمهور فى المنطقة العربية عموما يتوقف على عدة عوامل ثقافية واجتماعية وأصولية، تتسيد وتسيطر على أفكار الجمهور، بشكل يصنع حالة من التنميط فى التعامل مع اللمنتج الأدبى والفنى.
من جانبه قال الناقد الدكتور محمود الضبع، أستاذ النقد الأدبى، إنه لا يوجد تخوف من الجمهور لأن الكاتب لا يستطيع الإبداع بدون وجود متلقى، موضحا أن كل ما فى الأمر هو غياب المعايير الضابطة للفن أو النوع الأدبى، وبالتالى الخلاف أصبح ليس بين المثقفين والجمهور، ولكن بين المثقفين أنفسهم، لأنه لا يوجد معايير واضحة للأفضلية، وهو ما يتبين مثلا فى اختلاف المثقفين حول اختيار أعضاء لجان التحكيم فى المسابقات.
وأكد رئيس دار الكتب والوثائق القومية السابق، أن العلم كله يفتقد للرؤية أو الرأى الانطباعى المعيارى، مشيرا إلى أن أغلب الأحكام لا ترجع لدراسة مرجعية، بل كلها أحكام مجانية لتصدير أفكار معينة، على حد وصفه.