تمثل الترجمة أحد أهم العوامل المساهمة فى صناعة النشر، إذ تقوم على نقل وتبادل الأفكار و تساهم فى الاطلاع على الثقافات الأخرى، والتى تساعد على الارتقاء بثقافات القارئ.
ويحتفل العالم باليوم العالمى للترجمة، إذ يحتفل المترجمون حول العالم بتلك المناسبة كل عام فى 30 سبتمبر فى عيد القديس جيروم، مترجم الكتاب المقدس الذى يعتبر قديس المترجمين، وأطلق الاتحاد الدولى للمترجمين فكرة الاحتفاء باليوم العالمى للترجمة كيوم معترف به رسميا عام 1991، وذلك لإظهار تعاضد المترجمين فى جميع أنحاء العالم ولتعزيز مهنة الترجمة في مختلف دول العالم.
وبالتزامن مع الاحتفال يرصد التقرير التالى آراء عدد من المترجمين عن أهم العقبات التى تواجه حركة الترجمة فى مصر:
وصف المترجم والشاعر رفعت سلام وضع المترجمين بالعشوائى، مشيرا إلى أنه رغم وجود مؤسسات حكومية إلا أنها غير قادرة على مواكبة حركة الترجمة فى الدول الكبرى والتى تنتج أضعاف ما تنتجه الدول العربية مجتمعة، مثل اليابان والهند.
وأشار "سلام" فى تصريحات خاصة لـ"انفراد" إلى أن المركز القومى للترجمة يفتقد للخطة والمنهج للنهوض بحركة الترجمة، إذ أن الكتب الصادرة عنه لا تعنى أحدا بنسبة 90%، ما يجعل المركز يبيع الكتب بأسعار مخفضة فى معرض الكتاب تصل إلى 70 و80%، للتخلص من الكتب الموجودة فى المخازن.
وأكد مترجم "الأعمال الشعرية الكاملة لشارل بودلير" أن الأجور التى تقدمها هيئة قصور الثقافة للمترجم، تعتبر إهانة للمترجمين وللترجمة نفسها، مؤضحا أن الأجورالحالية لم تتغير منذ عام 2011، وحاول تعديلها أثناء رئاسته لتحرير سلسلة آفاق عالمية بالهيئة، لتتناسب مع أجور الهيئة العامة للكتاب، والتى تقدم أجورا معقولة على حد تعبيره.
من جانبه قال المترجم أحمد صلاح، إنه للنهوض بحركة الترجمة لابد من امتلاك الدولة استراتيجية واضحة لذلك، بحيث تضمن نشر محتويات جيدة تساعد على زيادة الوعى وخلق محتويات ثقافية راقية، مشيرا إلى أن حركة الترجمة لا تقل عن الاختراعات.
وأضاف "صلاح" أن المعايير فى مصر دائما "ناقصة وماشية بالبركة" على حد وصفه، موضحا أن اختيارات المترجمين فى المؤسسات يخضع للأهواء والمعارف الشخصية، إضافة إلى أن هناك العديد من الناشرين غير المؤهلين للعمل بالصناعة، مما يساهم فى تقديم مستوى ضعيف وسيئ، واصفا هؤلاء بالتجار إذ يقوموا "بقلب الكتاب" بأى حقوق وأى ترجمة لبيعها للجمهور.
وتابع مترجم "صلاة تشرنوبل" للكاتبة الحاصلة على جائزة نوبل سيفتلانا أليكسفيتش إن جهات قليلة مثل المركز القومى للترجمة، وبعض دور النشر هى من تلتزم بتقديم أجور للمترجمين، فى حين أن هناك آخرين يتعرضون للنصب.
وأكد "صلاح" أن هيئة قصور الثقافة اتخذت قرارا بتقدم أجر 1380 جنيها للمترجم الذى يترجم كتابا يحتوى على أكثر من 400 صفحة، فى حين كان الاتفاق القديم يقدم 25 جنيها عن الصفحة الواحدة، وذلك دون الرجوع للمترجمين، ما يمثل إهانة واستهتارا بالمترجم، على حد تعبيره.
من جانبها قالت دينا مندور رئيس تحرير "سلسلة الجوائز" الصادرة عن الهيئة العامة المصرية للكتاب، إن اليوم العالمى للترجمة يعد اعترافا بتقدير دور الترجمة فى حياة الشعوب وتقدمها، فلولا الترجمة ما قامت السياسة أو الاقتصاد أو الحضارة أو كل مكونّ من مكونات حياة الأمم.
وأضافت "مندور" فى تصريحات لـ"انفراد" أن العشر سنوات الأخيرة شهدت تطورا ملحوظا في مجال الترجمة لعدة أسباب أهمها التفات الناشرين أو القائمين على دور النشر لدور الترجمة وكونها تلبي احتياج وذائقة قارئ معين يمثل شريحة لها اعتبارها وسط القرّاء.
وتابعت "مندور" هناك دور نشر جديدة خاصة تأسست فى هذه السنوات وهناك إدارات تغيرت لدور نشر عريقة، كذلك تأسيس سلسلة مثل سلسلة الجوائز في عام ٢٠٠٥ فى رحم الهيئة العامة للكتاب إلى جانب إنتاج المركز القومى للترجمة بالطبع، مشيرة إلى إلى أهمية دور سلسلة الجوائز والمركز القومى للترجمة فى ضبط إيقاع التعامل مع المترجم كمبدع مواز للمؤلف الأصلى من خلال التعامل المادى والأدبى معه فى العمل المنشور بكل منها.
وأوضحت "مندور" أقصد قيمة المكافأة التى يتقاضاها المترجم والطريقة التى يوضع بها اسمه على الغلاف الخارجى وباقى حقوقه الأدبية المعروفة وهو ما دفع المترجمين إلى تفضيل التعامل مع الجهتين ودفع بالتبعية إلى التغيير النوعى فى سياسة دور النشر الخاصة فى التعامل مع المترجمين، كذلك غزو ثقافات جديدة مثل ثقافات شرق آسيا (الصين ، كوريا، اليابان) بآدابها للعالم وتقديم سياسات تسويقية جاذبة للتشجيع على ترجمة آدابها، إضافة إلى تزايد الدور الذي تلعبه المراكز الثقافية الأجنبية فى مصر من دعم للناشرين والمترجمين نذكر منها المركز الثقافى الفرنسى ومعهد جوته والمركز السويسرى وغيرها".