أسدل ملتقى الشارقة للسرد الستار على فعاليات الدورة الرابعة عشرة، أمس الأربعاء، بقاعة المؤتمرات فى محافظة الأقصر المصرية، لتكون بذلك أول مدينة عربية تستقبل الحدث الثقافى خارج دولة الإمارات، بناءً على توجيهات الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى، عضو المجلس الأعلى للاتحاد، حاكم الشارقة.
وتقدم المشاركون من روائيين وقصصيين وأكاديميين ونقاد عرب، بجزيل الشكر إلى سلطانبن محمد القاسمى على هذه النقلة النوعية للملتقى، وثمّنوا دور الشارقة التنويري الذي يصل بإشعاعه الحضاري الى كل أنحاء الوطن العربى.
وبدأت الجلسة الأولى بعنوان "القصة القصيرة جداً ومحاولات التأطير"، وناقشت الجلسة الثانية تحت عنوان "تحولات القصة القصيرة بين الجماليات والضرورة"، فيما منحت الجلسة الأخيرة المنصة للقراءات القصصية.
أدار الدكتور يوسف فهري من المغرب، أعمال الجلسة الأولى، في الوقت الذي شارك فيه: عذاب الركابي من العراق، والدكتور عادل عوض من مصر، وسعاد مسكين من المغرب، ببحوث نقاشية أحالت الجلسة إلى تساؤلات سردية من مداخلات المشاركين.
وتحت عنوان "القصّة القصيرة جداً كتابة قديمة أمْ مستحدثة ؟لحظة تجريب إبداعي أمْ محاكاة؟"، استهل الركابي حديثه، قائلاً: "إن تتعدّد آراء النقّاد والكتّاب في قديم هذا النوع من الكتابة أو حديثه من دون الخروج من متاهته بلا انتهاء، والعودة به تاريخياً إلى أنه (مستورد من أمريكا اللاتينية)، وقد أخذت القصّة القصيرة جدا تقنية (النثرية الخطابية) أو (النثرية الإخبارية)، بنصّ أرنست همنجواي 1952 الذي لا بتجاوز السبع كلمات: (للبيع، حذاء لطفل، لم يُلبس قط).
وتناولت ورقة الركابى آراءً متباينة-متفق ومخالف- حول القصة القصيرة جداً، وإذ يراها الدكتور جميل حمداوى بأنها (جنس يتجدد فنياً وجمالياً بالاختلاف عن باقي الأجناس الأدبية الأخرى كالرواية والقصة القصيرة والأقصوصة)، فإن الدكتور حسين المناصرة يرى (إنها غير قابلة للتأطير الجمالي السردى) أى افتقادها إلى العناصر الفنية للسرد، وهي المعيار الفني المتبع في فنّي القصة القصيرة والرواية .. ويرى فى القصة القصيرة جداً فضاءً مبيحاً للمبتدئين، وتجاربهم الضحلة، وما أكثرها فى هذا النوع من الكتابة) وفقاً لورقة الركابى.
الدكتور عادل عوض قال: "مع كثرة الرؤى والمواقف كثرت الدراسات النقدية، وتنوعت المداخل، وتعددت المناهج تجاه النص القصصي القصير جدا حتى الانتهاء من قراءاته، ومع انتشار المناهج الحديثة كان الوصف وكان التحليل، وكان وجوب استخلاص النتائج التي نحسبها- فى صورتها الموجبة- ستظل مرتبطة بمكونات النص ومكنونات صاحبه، ومعبرة عن دخائله ودخائل علاقاته الإنسانية المتراكبة، كما تظل المسائل مرتهنة بعلاقات المنشئ بالموروثات الأدبية، وما يزال النص مفتوحا حتى على وجدان المتلقى، يخاطبه بألفاظه وصوره المنتقاه الموروثة والمبتكرة، مما يحتاج- بدوره- على وقفة تحليلية جامعة لكل هذه الأطراف".
وأشار عوض، إلى أن الاهتمام بدراسة النص القصصى القصير جدا، أو الإحساس بقيمته، أو السعى وراء فهمه كان من وراء تعدد مداخل دراسته وتحليله، فمنهم من يبحث عن العوامل الرئيسية المحددة للإبداع الفني للمؤسسات المعايشة للإنسان في الشروط الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ومنهم من بحث سيرة الأديب ونفسيته من خلال أدبه، موضحاً منهم من ركز الاهتمام النقدي حول النص بصرف النظر عن شخصية المبدع وميوله وتجاربه الخاصة، ومنهم ذهب إلى البحث عن المعنى الأسطورى.