يحتفل العالم، اليوم الثلاثاء، باليوم العالمى للصحة النفسية، والغرض من هذا اليوم هو إجراء مناقشات أكثر انفتاحاً بشأن الأمراض النفسية وتوظيف الاستثمارات فى الخدمات ووسائل الوقاية على حد سواء، وتشير الإحصاءات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية فى عام 2002 إلى أن 154 مليون نسمة يعانون من الاكتئاب على الصعيد العالمى، علماً بأن الاكتئاب ليس إلا أحد أنواع الأمراض النفسية.
واحتفل العالم لأول مرة بهذا اليوم عام 1992 بناء على مبادرة من الاتحاد العالمى للصحة النفسية. وبحسب دراسة للدكتور محمد جودت ناصر نشرت بمجلة العلوم الإنسانية بعنوان "الأمراض النفسية وأثرها على السلوك الوظيفى"، أن من أهم الأمراض التى تؤثر على الكفاءة الإنتاجية للأفراد فى المجتمع الصناعى هى الأمراض الوهمية، وهى عبارة عن قلق نفسى شديد على الصحة العامة، يعتقد فيها الفرد بأنه مريض بمرض لا أساس له فسيولوجيا، كاعتقاد شخص بأنه مصاب بالسرطان، أو ضعف الأعصاب، أو اعتقاد الفرد بأنه سيصاب حتما بالجنون أو سيموت صغير السن.
والأمراض السيكوسوماتية، وهى المقصود بها أمراض عضوية مرضية تكون الأسباب الحقيقية فى الإصابة بها هى عوامل نفسية، ومن هذه الأمراض الشعور بالإعياء والإجهاد بصفة شبه دائمة رغم التغذية السليمة والخلو من الأمراض الباثولوجية. ومن هذه الأمراض اضطرابات ضربات القلب، وارتقاع ضغط الدم، والقرحة المعدية والاثنى عشر وبعض حالات الاسهال والإمساك المزمن.
وتشير الدراسة إلى أن المصاب بهذا النوع من الأمراض يتخذه وسيلة لاستدراك العطف من العائلة أو من أقرانه فى العمل وأصدقائه ومعارفه بأسلوب مقنع ومقبول اجتماعيا، أو يتبعه للحماية من مواقف العمل أو الحياة التى لا يثق فى قدرته على مواجهتها. واقترحت الدراسة ضرورة تهيئة الظروف المادية والنفسية والاجتماعية للفرد داخل المجتمع والعمل. التفهم الصحيح للصحة النفسية وأثرها على الإنتاج، بجانب اتباع سياسية تقويم أداء دقيقة، والقيام بعمليات التوجيه الجماعى والمهنى داخل منشآت العمل.
وبحسب دراسة نشرت بعنوان "الطفولة مشاكل وحلول" للباحثة أسماء بنت أحمد البحيصى، عددت بعض المشاكل النفسية التى تواجه الأطفال فى سن صغيرة، مثل السرقة، وهى تأتى عادةً أما بشعور الأطفال بنقص فى بعض الأشياء، وبذلك يضطر للسرقة لتعويض ذلك القص، أو قيام بعض الأطفال بالسرقة لإثبات أنهم الأقوى، خصوصا أمام رفقاء السوء، وربما يسرق بعض الأطفال لتقليد سلوك لدى كبار السن أمامه.
ومن طرق الوقاية من هذه العادة السيئة هى اهتمام الأهل بتعليم أطفالهم العادات الجيدة والقيم والاهتمام بقدر الإمكان بتوعيتهم عن الأخلاق والقيم الحميدة، بالإضافة إلى تنمية وبناء علاقات وثيقة بين الأهل والأبناء، علاقات يسودها الحب والتفاهم وحرية التعبير.
كما تحدثت الدراسة عن الكذب، والذى يتجه إليه الطفل لإن الأطفال لا يقدرون على التمييز بين الوهم والحقيقة، لذا يميلون إلى المبالغة، خاصة فى سن صغيرة، كما أن الأطفال يختلقوا الكذب لتجنب العقوبة أحيانا، أو للحصول على التفاخر والاهتمام والإعجاب لدى الآخرين، بجانب التخيل النفسى عندما نكرر ونردد على مسامع الطفل أنه كاذب فسوف يصدق ذلك من كثرة الترديد. وأكدت الدراسة أن للوقاية من ذلك لا بد من عقاب للطفل بتعليمه أن الكذب ضار ولا يؤدى للنجاة، بجانب تعليم الأطفال قيمة الصدق وحثهم عليه بقصص توضح لهم قيمته.
فيما يتحدث كتاب الصحة النفسية للنساء من ذوى الإعاقة وهو من تأليف مجموعة من الباحثين، أسباب لمشاكل الصحة النفسية التى تواجه هولاء النساء ومنها: الإرهاق والتمييز والعزلة والأحداث الصادمة أو الشعور بالعصبية والقلق، كما أشارت أن النوع الاجتماعى له دور فى ذلك، خاصة تعرض الفتيات فى بعض المجتمعات للإجهاد بعكس الفتيان والتمييز فى التعليم وحتى الطعام، مع التوضيح بأن هذه المشاكل تزداد لدى فتاة ذات إعاقة.
وأكدت الدراسة أنه على النساء من ذوى الإعاقة القيام ببعض الأمور لكى تتحسن صحتهم النفسية مثل محاولة خلق صداقات وعلاقات إنسانية مع الآخرين، وقضاء بعض الوقت معاهم، وإطلاق العنان للمشاعر، الاستماع القصائد والأغانى أو عن طريق الرسم والموسيقى.
بينما قدمت الباحثة تهانى عبد الرحمن ورقة بحثية بعنوان "بعض مشاكل المراهقة وكيفية التعامل معها"، وتناولت بعض المشاكل النفسية التى تواجه المراهقين، منها الخجل والذى يأتى للمراهق المنطوى على ذاته من التواصل مع الخارج خوفا من السخرية، ما يسبب له مشكلة مثل التعلثم، وأكدت أن العلاج بضرورة تعليم الأبناء منذ الصغر الاجتماع مع الناس عن طريق الزيارات العائلية والخروج مع الأصدقاء، وتعوديهم على التحدث بمصاحبة الآخرين والاستماع لهم، وهذا يساعد على اكتساب الثقة.
أما من أبرز المشاكل التى تواجه أيضا المراهق هى الخصوصية والتى تأتى لهم للأطفال بعد سن البلوغ، واحتياجهم للانفصال والاستقلال عن الوالدين، وتكرار الأسئلة له عن أفعاله، ما يوصله أحيانا للكذب لاعتقاده انها تدخل فى كل أمور حياته الشخصية.