يبدو أن يوم الخميس الماضى، كان يوم المنع والمصادرة للكتب بمعرض الخرطوم الدولى للكتاب فى دورته الـ13، فبعدما صودرت صباحا رواية "سقوط الإمام" جاء الدور فى المساء على كتاب الكاتب الصحفى محمد الباز "القرآن فى مصر"، وذلك بحجة الحفاظ على ثوابت المجتمع، حسبما صرح مدير معرض الخرطوم.
وصدر كتاب "القرآن فى مصر" عام 2016 عن دار روافد للنشر والتوزيع، وهو عبارة عن سلسلة من المقالات نشرها الكاتب عن القرآن والقرآنيين فى مصر، ناقش خلاله عدة قضايا منها "تلحين القرآن، وتفسيره بطريقة عصرية".
وفى الحلقة الأولى التى جاءت بعنوان "كتاب الله على طريقة المصريين" تحدث الباز عن ذكرياته مع حلقات تحفيظ القرآن، وطقوس المصريين المميزة مع القرآن والمصحف، وكيف أنهم يعاملون المصحف بطرق تبدو لهم صحيحة وقد تكون فى الواقع مهينة للكتاب الكريم، فى معايشتهم العادية.
وفى "البحث عن مصحف مكتوب باللغة العصرية"، سلط الباز الضوء على أحد أعداد مجلة الهلال، والذى تناول موضوع كتابة القرآن بطريقة تناسب العصر، من خلال كتاب "القرآن محاولة لفهم عصرى"، والذى صدر للدكتور مصطفى محمود عام 1970، وهاجمته عائشة عبد الرحمن واعتبرته "شطحات مصطفى محمود" على حد وصفها، وكيف أيد الكاتب رجاء النقاش وجهة نظر الأول بضرورة تغيير طريقة كتابة القرآن من الطريقة التى عليها الآن والتى تجعل البعض يواجه صعوبة فى قراءتها.
وفى "لماذا يخاف مشايخ الأزهر من أى تفسير عصرى للقرآن؟"، يرى الباز أن ليس القراءة فقط هى ما تواجهنا من صعوبات، لكن التفسير أيضا، متناولا ما تكلم عنه نفس العدد من مجلة الهلال، بضرورة تفسير أكثر عصرية تلائم العصر ويقدم أفكارا بديلة واضحة، وكان ذلك فى دعوة من العدد لمشيخة الأزهر، كتقدير لدور المؤسسة الدينية العريق.
وفى "متى تدخل مصر عصر غناء القرآن؟، يناقش الكاتب سؤلا طرحه الكاتب رجاء النقاش، حول الفصل المتعمد بين القرآن وقصصه وبين المسرح والسينما، فى الوقت التى تقدم فيها قصص الأنبياء فى القرآن فى شكل قصص مصورة للأطفال فى كتب قيمة ورائعة، بينما يتعامل من سماهم كهنة القرآن معه على أنه كتاب فيزياء فى حين، وكتاب سياسة فى حين آخر.
وفى "تلحين القرآن.. أم كلثوم ترفض والسنباطى يتحفظ وعبد الوهاب أنا مستعد" يطرح قضية ناقشها الكاتب الصحفى ضياء بيبرس، عن أين الفكر العصرى من فكرة أو دعوة تلحين القرآن؟، وسرد "الباز" أراء ثلاثة من علامات الغناء والموسيقى هم أم كلثوم، والتى رأت أن يغلق هذا الباب، لأن القرآن أكبر من الموسيقى، والموسيقار محمد عبد الوهاب، والذى قال عنه "أنه من رفع لواء الفكرة واحتضنها وله فيها محاولات لم تتداول"، إضافة إلى الملحن الكبير رياض السنباطى، والذى رأى أنها فكرة ممتازة لها شروط لكن شروطها تعتبر مستحيلة، وذلك لأن من يقوم بها عليه أن يتفرغ للعبادة ودراسة القرآن، مرشحا نفسه وعبد الوهاب فقط، من يستطيعون إنجاز تلك المهمة.
كما أورد الباز ما قاله الحصرى وعبد الباسط عبد الصمد عن تلحين القرآن كذلك الشيخ محمد خاطر مفتى الديار المصرية الأسبق والذى رآها دعوة لتشوية تلاوة القرآن، أما القارئ الشيخ محمود الحصرى، فيرى أن تلحين القرآن يكون فى تجويده، مع ضرورة ألا يضاف إليه أى كلمات أو ألحان، وأن يكون اللحن فى صلب الكلمات، قائلا "لا تلحنوه ولو فى القرن الثلاثين".
وفى "التفسير السينمائى للقرآن" تحدث "الباز" عن تجرية السينارست الكبير محمود أبو زيد، فى تفسير القرآن بطريقة السينما بناء على دعوة من أحد رجال الدين، وذلك من خلال فيلم العار، وتفسيره للآية "ونفس وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها".
وفى "الملحد الذى كتب تفسيرا عصريا للقرآن الكريم" ويسلط فيها الضوء على قيام الدكتور مصطفى محمود الذى أصدر كتابا مهما هو "القرآن .. محاولة لتفسير عصرى"… قامت عليه الدنيا ولم تقعد، وصلت إلى اتهامه بالإلحاد، حتى قرر رجاء النقاش أن يسانده، عن طريق مجلة الهلال، بإجراء حوار مع الدكتور مصطفى محمود، والذى أكد أن محاولة الأخير لتفسير القرآن تعتبر من المحاولات المتميزة فى الفكر المعاصر.