يفتح متحف اللوفر أبوظبى أبوابه أمام الجمهور فى 11 نوفمبر الجارى فى العاصمة الإماراتية أبوظبى.
وسيقدم هذا المعلم الثقافى أعمالا وتحفا فنية معارة من متاحف محلية وإقليمية بالإضافة إلى مجموعة متحف اللوفر أبوظبى الدائمة و300 عمل معار من 12 متاحف ومؤسسات فرنسية رائدة لتروى قصة عالمية فى المتحف تمتد من عصور ما قبل التاريخ حتى الوقت المعاصر.
وعلى الصعيد الإقليمى، سيقدم اللوفر أبوظبى أعمال مُعارة تضم أداة حجرية تعود إلى عام 350,000 قبل الميلاد، ولوح حجرى يحمل نقوشا كوفية يبين المسافة من مكة، و"شاهد قبر" من مكة المكرمة يعود تاريخها إلى الفترة الواقعة بين عامى 900-700 (300-100 هجري) من مقتنيات التراث الوطنى بالمملكة العربية السعودية. و"كنزِ صدامة (الوقبة)" حيث يعود بعض من الدراهم إلى فترة الخلافة العباسية فى العراق والبعض الآخر إلى الدولة السامانية وإلى فترة السلالة الصفارية تم اكتشافه سنة 2005 (1425هـ) ويتضمن أكثر من 400 درهم فضى من المتحف الوطنى – سلطنة عمان، وتمثالا حجريا برأسين يبلغ عمره 8000 عام من دائرة الآثار العامة الأردنية ويسمى تمثال "عين غزال".
وبهذه المناسبة، قال الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، رئيس مجلس الإدارة رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطنى فى المملكة العربية السعودية: "تشكل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة نموذجا يحتذى به فى العلاقات الأخوية الوطيدة، كونها علاقات قامت على الانسجام والتكامل بمختلف الرؤى والقضايا، ويعد التعاون فى مجالات السياحة والتراث الوطنى امتداد لهذه الشراكة النموذجية بهدف البناء على العلاقات المتميزة بين البلدين، توجت هذه الشراكة بتوقيع اتفاقية لإنشاء مجلس تنسيقي بين البلدين الشقيقين في شهر مايو 2016م، وكذلك توقيع اتفاقية في مجال إعارة القطع الأثرية".
وأكد الأمير سلطان بن سلمان، أن افتتاح متحف اللوفر أبوظبى خلال شهر نوفمبر الجارى يعد حدثا ثقافيا مهما على مستوى المنطقة بشكل خاص وكذلك على المستوى الدولى، لدوره المهم فى عرض التاريخ البشرى وتحقيقه فهم أكثر نضوجا لالتقاء الثقافات الإنسانية المختلفة، وسيكون نقطة جذب للمتخصصين والمهتمين فى مجال الثقافة، وفرصة سياحية غنية وفريدة للمنطقة، إضافة إلى كونه نموذجا مميزا وأسلوبا فريدا للمتاحف الحديثة التى يندمج فيها التصميم المعمارى الرائع مع المحتوى الفنى الجذاب بأسلوب رائع لكافة شرائح المجتمع ويخلق مجال جديد ضمن مجالات التشويق والمتعة، إن المتحف الوطنى للمملكة العربية السعودية يثمن هذه الشراكة مع متحف اللوفر أبوظبى كونه أحد الشركاء فى صناعة هذا الحدث الثقافى العالمى".
وتضم مجموعة الأعمال المعارة من الإمارات، والتى من المقرر عرضها فى أول صالة عرض بالمتحف لاستكشاف المظاهر والتعابير الفنية الأولى للإنسانية، قلادة ثمينة تعود إلى الفترة الواقعة بين عامى 2000-1300 قبل الميلاد من المتحف الوطنى فى رأس الخيمة. وسيعرض من مجموعة دائرة الثقافة والسياحة "وعاء مروح" الذى يعد أقدم وعاء مصنوع من السيراميك تم اكتشافه فى الدولة.
كما سيعرض المتحف أعمال زخارف وتصاميم من الجص من الدير المسيحى الأثرى فى جزيرة صير بنى ياس، وكذلك "نصل فأس" من متحف العين الوطنى يعود تاريخه ما بين عامى 1000-600 قبل الميلاد. وستجسد هذه الأعمال المعارة تراث الإمارات العريق وارتباطه التاريخى الدائم بجميع أنحاء العالم ليكمل السرد العالمى لمتحف اللوفر أبوظبى.
وصرح محمد المبارك، مدير دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبى قائلا: "نحن فخورون بعرض الأعمال فى متحف اللوفر أبوظبى، الذى يعد أول متحف يتم افتتاحه فى المنطقة الثقافية بالسعديات، بما يتيح الفرصة للمشاركة بقصة تاريخ الإمارات إلى جانب الثقافات الأخرى، مؤكدا أن المتحف يهدف لبناء شراكات قوية مع المؤسسات الثقافية حول المنطقة لتبادل المعرفة، موضحا أن متحف اللوفر أبوظبى سيضطلع بدور ريادى فى رفع مستوى وعى زواره حول تاريخ دولة الإمارات الثرى والفن المعاصر عبر الأعمال المعارة، والتى كانت ولا زالت تمثل ملتقى الحضارات العالمية، وصولا إلى مكانتها الحالية التى تجمع بين كافة مقومات النهضة والتقدم.
وسيعرض المتحف مخطوطات عن فن رسم الخطوط من مجموعة متحف زايد الوطنى، ويشمل ذلك مخطوطات تحمل رموزا ورسومات من مجموعة أعمال عثمانية تضم العديد من الرسومات والنصوص وأشكال الحروف بالمنطقة، وسيعرض من مجموعة جوجنهايم أبوظبى قطع فنية معاصرة لفنانين بارزين بمن فيهم حسن شريف (1951-2016) وعبدالله السعدى (1967) وإبراهيم الصلحى (1930). وستحل هذه القطع فى فصل الأعمال المعاصرة فى اللوفر أبوظبى الذى سيتم مناقشته بعمق فى متحف جوجنهايم أبوظبى.
وقال مانويل راباتيه، مدير متحف اللوفر أبوظبى: "يعد اللوفر أبوظبى أول متحف من نوعه فى العالم العربى برؤية عالمية، يسلط الضوء على أوجه التشابه عبر مختلف الحضارات والثقافات، ولكن يحرص أيضا على تجسيد ثراء التراث الثقافى وعراقة تاريخ المنطقة. وتقدم هذه المجموعة الاستثنائية المعارة لمحة شاملة عن مساهة الشرق الأوسط فى تكملة السرد العالمى، بما يدعم التعاون والتفاهم الثقافى المشترك بالمنطقة والذى يجسده متحف اللوفر أبوظبى".
وقال أحمد عبيد الطنيجى، مدير عام دائرة الآثار والمتاحف فى رأس الخيمة: "يقع على عاتقنا بصفتنا أعضاء قطاع الآثار والمتاحف مسئولية عظيمة فى الحفاظ على إرث تاريخى مادى وغير مادى يحكى حقبا تاريخية متعددة. كما أن هذا الإرث هو موضع عناية ورعاية واهتمام من قبل قيادتنا الرشيدة فى الدولة، باعتباره رسالة الشعوب ووسيلة تقارب واتصال حضارى وثقافى عبر العصور من خلال ما تمتلكه الأمم من آثار وتراث حضارى وتاريخى. وقد يعتقد البعض أن المحافظة على هذه المقتنيات هى المهمة الأساسية للقطاعات التى تخدم الآثار والمتاحف، ولكن هناك مهام أخرى توازى الحفاظ على هذه الثروة التاريخية ألا وهى إيصالها وعرضها للبشرية بطريقة مبتكرة، وهذا ما يتجسد اليوم فى افتتاح هذا الصرح الثقافى العظيم، متحف اللوفر أبوظبى".
وأوضح جمال الموسوى، مدير عام المتحف الوطنى – سلطنة عمان: "انطلاقا من العلاقة المشهودة بين المتحف الوطنى فى سلطنة عمان ومتحف اللوفر أبوظبى متمثلا فى دائرة الثقافة والسياحة بإمارة أبوظبى، نهدف من خلال إعارة مجموعة منتقاه من اللقى ذى المدلول والبعد التاريخى والجمالى المتميز التي بعهدة متحفنا، إلى ترسيخ مبادئ التعاون المشترك، وإبراز الدور الحضاري لعُمان عبر العصور كونها جسرًا للتواصل الإنساني، وهو ما ينسجم والرسالة النبيلة التي يحملها متحف اللوفر أبوظبي بين طياته، كونه صرحًا ثقافيًا أنشئ لترسيخ التواصل الحضاري والتفاهم الإنساني بين شعوب العالم قاطبة".
وقال الدكتور منذر الجمحاوى، مدير عام دائرة الآثار العامة الأردنية: "ها هو متحف اللوفر أبوظبى يؤكد على دوره التنويري بالمعرفة والاهتمام بالتراث والتاريخ الإنساني، ولعل التعاون المثمر بين دائرة الآثار العامة الأردنية ومتحف اللوفر في باريس ساهم في تجديد التعاون مع متحف اللوفر أبوظبي من خلال عرض إحدى أهم المكتشفات الأثرية (تمثال عين غزال) والذي يعود إلى الألف الثامن قبل الميلاد. هذا التعاون جاء ليؤكد أيضاً على العلاقات الأخوية القوية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة الأردنية الهاشمية والتي يعزز استدامتها حكمة القيادة في البلدين التي يقودها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان والملك عبدالله الثاني بن الحسين نبارك لدولة الامارات افتتاح متحف اللوفر أبوظبي ونؤكد استدامة التعاون الثقافى لما يخدم المشروع التنويرى المعرفى فى المنطقة".
ويضم متحف اللوفر أبوظبى مساحة تبلغ6,000 متر مربع مخصصة لصالات العرض والمعارض ومتحف الأطفال لمن يتراوح أعمارهم بين 6 و 12 عاماً، بالإضافة إلى مركز للأبحاث ومطعم ومتجر ومقهى. وضع تصميم متحف اللوفر أبوظبي المهندس المعمارى الفرنسى جان نوفيل، تحت قبة تتخللها أشكال وأنماط هندسية تشكل قرابة 8,000 نجمة تغطي المدينة المتحفية. ويمكن للزوار الاستمتاع بالمشي على طول المنتزهات والممرات المطّلة على مياه البحر تحت ظلال القبة العملاقة، مما يتيح لهم الاستمتاع برؤية "شعاع النور" المستوحى من ظلال أشجار النخيل المتداخلة في واحات دولة الإمارات وأسواقها التقليدية.