أعلن متحف العين الوطنى، أنه سوف يعير فأسًا من البرونز لمتحف لوفر أبوظبى، وتعود إلى العصر الحديدى (1,000-600 قبل الميلاد). وهى من الفئوس التى عثرت عليها البعثات الأثرية فى أنحاء الإمارات، غير أن الفأس المعروضة فى متحف لوفر أبوظبى تنفرد بأهميتها كنموذج متميز للمهارات الحرفية والتقنيات المتقدمة المستخدمة فى صناعة وتشكيل المعادن فى دولة الإمارات، والتقاليد الثقافية فى العصر الحديدى.
وذكرت هيئة أبوظبى للثقافة والفنون، اليوم، الاثنين، فى بيان صحفى أن الفأس مصنوعة من النحاس المخلوط غالبًا بكمية صغيرة من القصدير، وكان يتم استخراج النحاس من جبال الحجر الواقعة شرق العين. حيث كانت جبال الحجر مصدرًا رئيسيًا لهذا المعدن النفيس عبر عصور التاريخ القديم للدولة، ما ساهم فى تطور حرف صب وصياغة المعادن. وكان النحاس يستخرج منذ العام 2,300 قبل الميلاد، ويصدر إلى بلاد ما بين النهرين (العراق حاليًا) وبقية منطقة الخليج العربي. وعُرفت المنطقة فى ذلك الوقت ببلاد ماجان، وكانت مركزًا عالميًا للصناعة والتجارة
وتُظهر الفأس براعة حرفية ودقة فائقة فى التشكيل تعكس تراثًا طويلاً من صناعة المعادن. ويبدو واضحًا أن هذه القطعة ذات خصوصية شخصية، وربما لم يتم استخدامها فى الأنشطة اليومية. وتشمل الأسلحة الأخرى التى أنتجتها المجتمعات المحلية خلال هذه الفترة السهام والخناجر القصيرة والسيوف. وتنتشر العديد من نماذج هذه الأسلحة فى مواقع مختلفة فى دولة الإمارات، وبعضها تم استعماله بالتأكيد فى الحروب.
واتسمت الفترة التاريخية التى ترجع إليها الفأس بالاستقرار النسبى بصورة عامة، حيث تشير الأدلة التاريخية أن هذه الأسلحة لم تُستخدم سوى فى المناسبات الاحتفالية الخاصة. ويبدو أنها كانت ترمز إلى قوة صاحبها، ربما فى اجتماعات كبار القوم، أو عند التقاء حكام المدن العديدة المنتشرة فى المنطقة لمناقشة الموضوعات ذات الأهمية واكتسبت هذه الاجتماعات أهمية حيوية لضمان الاستقرار، فى وقت أدى اختراع الرى بالفلج إلى نمو وتوسع اقتصادى سريع.
وعاش صاحب هذه الفأس فى مجتمع امتلك احترامًا كبيرًا للتراث والتقاليد والهوية، وتم دفنه فى قبر بموقع أصبح لاحقًا أطلال قرية قديمة يُطلق عليها علماء الآثار حاليًا "هيلى 8".
وفى وقت عملية الدفن، كانت "هيلى 8" مهجورة لحوالى 1,000 سنة، غير أنها تعتبر إحدى أقدم القرى الزراعية المعروفة فى شبه الجزيرة العربية.
وأظهرت الأبحاث التاريخية أن المجتمع المحلى أدرك أهمية هذه القرية، ودورها فى التحول الجذرى الذى حصل فى المجتمع القديم. وتؤكد مراسم الدفن أيضًا عمق الإحساس بالانتماء إلى ثقافة وتقاليد عريقة امتدت جذورها فى أعماق هذه الأرض منذ آلاف السنين.
وظلت الفأس مدفونة لمدة 3,000 سنة حتى قام الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بدعوة البعثات الأثرية الأجنبية إلى التنقيب فى منطقة العين فى ستينيات القرن الماضى انطلاقاً من ثقته بأن هذه المنطقة تحظى بتاريخ قديم وحضارة أصيلة لم تفصح بعد عن أسرارها. وبعد بضع سنوات، اكتشف فريق من علماء الآثار الفأس فى قبر صاحبها. ويعرض متحف لوفر أبوظبى حاليًا هذه الفأس الأثرية الرائعة.