تمر غدا ذكرى ميلاد النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وفى الوقت نفسه هو ذكرى رحيله، فالرسول ولد يوم 12 ربيع الأول ورحل فى اليوم نفسه بفارق 63 عاما، ودائما لا أستطيع أن أفكر فى الميلاد منفصلا، بل أجد ذكرى الرحيل تمد ظلالها على كل شىء، لذا فى "مولد النبى" لدى دائما فرح ناقص أظل أتأمله طوال الوقت.
الميلاد
ولد محمد عليه السلام يوم الاثنين بتاريخ 12 ربيع الأول من عام الفيل، وكان يتيما فقيرا، لكن الله شرفه بالرسالة، وسعى هو لها سعيها، فكان نصيبه أن ملأ الدنيا وظل اسمه، وسيظل، يتردد إلى أبد الدهر بين البشر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
الرحيل
ذهب النبى عليه السلام إلى مقبرة البقيع ليدعو لأصحابه الذين توفّاهم الله، وعند عودته إلى بيت زوجته ميمونة رضى الله عنها بدأ الرسول الكريم يشعر بصداع فى رأسه، وبدأ يزداد هذا الصداع يوماً بعد يوم، فأستأذن الرسول باقى زوجاته ليذهب إلى زوجته عائشة رضى الله عنها بسبب قرب بيتها من المسجد، فزادت الحمّى على نبينا الكريم، وكانت عائشة هى القائمة على رعاية سيدنا محمد حتى توفّاه الله فى يوم الاثنين فى الثانى عشر من شهر ربيع الأول من العام الحادى عشر للهجرة، فتوفى وهو فى بيتها ودُفن فى مكان وفاته.
تأمل الحياة والموت
ربما كان الميلاد والموت فى "تاريخ يوم واحد" دلالة على القيمة الحقيقية للحياة، فهى كأنها يوم أو بعض يوم، فى كل ميلاد موت حقيقى وموت منتظر، هى لا تساوى شيء بدليل موت النبى الكريم.
وربما كان الأمر حماية للمسلمين، حيث يتذكرون ميلاد نبيهم ورحيله فيبعدون عن التقديس المبالغ فيه ولا يظنون فيه الظنون، لأن ذكر الموت مع شخص النبى سيعيد الناس إلى "عقلهم".
كلما قرأت فى سيرة النبى خاصة فى أخريات حياته، ينتابنى إحساس بأنه كان "يتشوق" إلى لقاء ربه، أشعر بروحه خفيفية مثل جناح طائر لا تستقر على الأرض، يشعر بأن رسالته اكتملت وأنه أصحابه الشهداء الذين سبقوه إلى الملكوت الحق فى انتظاره.