ناقش عدد من النقاد والأكاديميين، على رأسهم الدكتورة عزة أبو النجاة أستاذ الأدب بكلية البنات، والدكتور حسن الخولى أستاذ علم الاجتماع بكلية البنات، والناقدة سناء صليحة والشاعر يسرى العزب، أمس الاثنين بنادى القصة المجموعة القصصية "تغريدة البلبل" للروائى الدكتور حسن البندارى.
وقالت الدكتورة عزة أبو النجاة إن "تغريدة البلبل" تطالعنا بهذه العتبة النصية الأولى المكونة من لفظتين تفضى كل منهما إلى الأخرى انسجاما وتراكما، فالتغريد يستدعى البلبل وهو به أولى والبلبل يستدعى التغريد، لكن الأمر يتجاوز هذه المعانى المحسة إلى معان أخرى، فيقودنا أفق التوقعات إلى المعنى المجازى فإذا "تغريدة البلبل" بوح صدر آن له أن يغرد بعد طول صمت وانتظار، فتتمثل أمام القارئ امراة جميلة فى منتصف عمرها مات عنها زوجها فربت أولادها حتى التخرج فى الجامعات، ثم العمل والزواج لنجد أنفسنا أمام نص حمل عبء وظيفة إنسانية، وهى لفت الانتباه إلى حق هذه الأرملة فى الحياة والحب.
وأضافت أبو النجاة: نلحظ أن حسن البندارى فى معظم أعماله منحاز لهذه الفئة العمرية التى يعترى الإنسان فيها احتياج عاطفى مرير، بعد فقد رفيق دربه طلاقا أو ترملا أو إهمالا، وهو يلج إلى هذه الزاوية من وجدان الانسان عموما رجلا أو امراة فى صرخة تؤكد حق الإنسان فى الحب والارتواء عاطفيا.
"أبو النجاة" قدمت أيضا مقاربة سيميائية لقصة "تغريدة البلبل" التى تحمل اسم المجموعة؛ حيث شددت على أن البندارى اختار - دون تعمد - أسماء دالة على السمات الرئيسة للشخصية أو المفارقة لها، فمثلا رشيدة العنبرى امرأة تجاوزت الأربعين ومصابة بالقلب والسكر وأم لأربعة أبناء كبار، فرضت على نفسها حصارا ظالما منذ مات زوجها عبرت عنه بقولها "لم تعرف يوما المساحيق طريقها إلى وجهها ولا زرت مرة الكوافير"، فاسمها رشيدة وهو اسم له دلالة على مسلك الأرملة، لأنها تعمدت الرشد فى حياتها وفقا لما يريده المجتمع.
وتابعت أبو النجاة: اسم العنبرى ذو دلالة فالعنبر ذو رائحة طيبة، فما زالت "رشيدة" تحمل بعض جمال رواء، فلم يخب لها بريق رغم تقدمها فى السن، كذلك عامر زوجها الذى لم يعمر فهو اسم أيضا له دلالة بالمفارقة والمخالفة، مؤكدة أن براعة الكاتب تتجلى أيضا فى اختيار اسم حنان الذى جعلها "حنان" فقط بدون ألقاب مساندة على خلاف أعلام حسن البندارى ليلفتنا إلى انسجام الاسم مع السمة المهيمنة على الشخصية، وهى الحنان الذى جعلها تحيط صديقتها رشيدة بكل أنواع الرعاية حتى أسلمتها إلى قدرها اللذيذ وهو الزواج من "رسلان" وهو من المادة اللغوية "رسل" وهو حسب القصة يمثل رسول القدر لتحقيق السعادة لتلك الأرملة المضحية.
واختتمت "أبو النجاة": حسن البندارى فى تغريدة البلبل ومجمل أعماله يعلى من القيم الإنسانية خصوصا قيمة الصداقة، وحب الوطن، مشيرة إلى أن لغة القصة جاءت فى ثوب فصيح ولغة فصحى قريبة من اللغة اليومية.
من جانبه قال يسرى العزب، إن حسن البندارى فى كتاباته بسيط يجمع بين متناقضات الشخصية بكل ما فيها من إيجابيات وسلبيات، مؤكدا أن البندارى فى مجموعته القصصية "تغريدة البلبل" لا يكتب قصصا قصيرة فحسب بل إنه يؤسس لعمل روائى فإذا حذفنا قصة أو قصتين من المجموعة فمن الممكن أن نكون أمام عمل روائى متماسك وهو فى ذلك يحتذى حذو نجيب محفوظ.
فيما قالت الناقدة سناء صليحة، إن حسن البندارى ينقل انعكاسات الواقع بالأسلوب السهل الممتنع، من خلال الإغراق فى الرمز الذى يجعلنا البندارى من خلاله فى حالة توحد مع الوجود ككل.