"كانت هناك أيام لم أدون فيها شيئا، بينما لجأت إلى الكتابة فى أيام أخرى، مرت أيام كنت أكتب كشاهد أساسى على الحدث، وأيام كنت أكتب كحالم لا يكف عن الاسترسال للأحلام..تلك هى خاصية دفتر المذكرات اليومية"، بتلك الكلمات يصف الديبلوماسى بطرس بطرس غالى كتابه "بانتظار بدر البدور.. يوميات 1997-2002"، والصادر عن دار الشروق عام 2005، ويضم مذكرات ويوميات "غالى" خلال الفترة التى قضاها فى باريس منذ نهاية ولايته كأمين عام للأمم المتحدة، وحتى نهاية ولايته كأمين عام للفرانكفونية.
تحدث "غالى" فى كتابه عن العديد من الأحداث والقضايا الكبرى التى شغلت الرأى العام العالمى محللاً لها، مثل النزاعات فى أفريقيا، وتنامى الإرهاب الدولى، واعتداءات 11 سبتمبر 2001، والصراع الفلسطينى الإسرائيلى، فضلاً عن الدور المتنامى للصين والذى يقول عنه "هذا البلد رغم مصاعبه الاقتصادية، إلا أنه مؤهل ليكون إمبراطورية الغد".
كما كشف بطرس غالى فى كتابه حماقات نظام مبارك وكيفية تعامله مع القضايا المصيرية التى تهدد أمن مصر، فرصد كواليس حكومات مبارك الضعيفة التى كانت ترفض التعمق فى المشكلات الخطيرة التى كانت تهدد المجتمع وتهملها وتعتبرها مشكلات بسيطة أو بعيدة المدى بلا تأثير، وقد عبر "غالى" فى أكثر من موضع بالكتاب عن مخاوفه وقلقه من السياسات المصرية وإهمال ملف السودان ومشكلة مياه النيل، وما تقوم به مصر من أعمال تعكس روحاً عدائية تجاه إثيوبيا ونظرة عرقية، وذلك الإهمال الذى تحول الآن إلى وحش كاسر يهدد اقتصاديات وأمن مصر.
كما يتضمن الكتاب أيضاً أحاديث "غالى" مع الشخصيات البارزة على الساحة الدولية، مثل الدبلوماسى كوفى عنان، فيقول بطرس غالى "اتصال هاتفى من كوفى عنان...يدين لى بتعيينه رئيسا لقسم عمليات حفظ السلام، مما أتاح له فرصة تطوير علاقاته بالإدارة الأمريكية. سألنى مرات كثيرة لماذا رفعته إلى هذا المركز، فكنت أجيب إنى أريد أن يتنامى عدد الأفارقة الذين يشغلون مراكز المسئولية".
كذلك يحتوى الكتاب أحاديث بطرس غالى عن الشخصيات السياسية سواء كانت مصرية أو أجنبية لا تخل من الانتقاد، فيقول على سبيل المثال عن كمال الجنزورى "كان معقدا وعابسا، ويكن العداء لابن شقيقى يوسف" ويقول عن الرئيس الراحل أنور السادات "كانوا يصفونه فى الحفلات بالحمار الأسود".
وطيلة مسيرتى السياسية والدبلوماسية، ألزمت نفسى بواجب التحفظ، وأعتقد أنى فى كتابى هذا لم أشذ عن هذه القاعدة الذهبية، لأن معظم الشخصيات التى ذكرتها، التقيتها فى إطار مهماتى الرسمية، ومع ذلك، حصل فى بعض الأحيان أن قمت بإفشاء أسرار".
يذكر أن بطرس غالى توفى يوم الثلاثاء 16 فبراير عن عمر ناهز 94 عاما، وقد ترأس الأمم المتحدة من عام 1992 حتى عام 1996 حيث قام بإصلاح هيكلية أمانة الأمم المتحدة، وتطوير مفهوم العمليات الوقائية لدعم السلام فى العالم.