صدرت، مؤخرًا، عن سلسلة الفلسفة بالهيئة العامة لقصور الثقافة الطبعة الثالثة لكتاب مهم وهو "تجديد الأصولية الإسلامية فى فكر الشيخ عبد المتعال الصعيدى" للدكتور عصمت نصار.
ويقول عصمت نصار فى مقدمة الكتاب "يعد الشيخ عبد المتعال الصعيدى من أهم المفكرين المعاصرين الذين حملوا لواء الاستنارة فى النصف الأول من القرن العشرين، وكان لنا السبق فى الكشف عن خطابه التنويرى الفلسفى".
ويرى عصمت نصار، أن الهدف من تقديم الطبعة الثالثة للكتاب هو التأكيد على أن ما حذرنا منه وقع بالفعل، أعنى التطرف الذى أدى بأصحابه إلى العنف وإراقة الدماء باسم الجهاد والحاكمية وأكذوبة إحياء الخلافة الإسلامية، ولعل ما صدر من داعش، خوارج هذا العصر، من مخالفات عقدية وجنوح على المقاصد الشرعية فى معاملة الأغيار واستباحة دماء الآمنين وتكفير الخصوم وانتهاك الحقوق الإنسانية التى كفلها القرآن وصحيح السنة للمؤمنين والمنكرين على حد سواء خير دليل على جهل هذه الطائفة بحقيقة الأصولية الإسلامية وسماحة الإسلام ووسطيته.
بينما رأى الدكتور محمد كمال الدين إمام فى تقديمه للكتاب أنه يأتي فى سياق الجدل المحموم حول الهوية، والسباق المحتوم للحفاظ على الخصوصية الحضارية، وهو محاولة جادة للإجابة عن أسئلة صعبة منها، الأصولية الإسلامية وماذا تعنى؟ الأصالة وكيف تفهم؟ والمعاصرة ومما تتكون، والتجديد وما هى مجالاته؟ وبالتحديد فى مجال الخطاب الدينى: ما هو مفهوم التجديد؟ وما ضوابط أسلمته وآلياته وعصرنته؟
والكتاب يشتمل على ثلاثة أبواب، تناول الباب الأول حقيقة الأصولية الإسلامية، وناقش اشكالية التعريف والآراء المتباينة حول دلالة هذا المصطلح فى الثقافتين العربية والغربية، وطبيعة العلاقة التى تربط بين الدلالة الاصطلاحية للأصولية والتجديد، وسمات المجدد عند الأصوليين عامة وعند الشيخ عبد المتعال الصعيدى خاصة، كذلك احاجي الصعيدي التى يبرهن على براءة الأصولية الإسلامية من الاتهامات التى وجهت إليها من المستشرقين.
بينما الباب الثانى وقف بالنقد والتحليل على الخطاب الدينى الذي قدمه عبد المتعال الصعيدى، كاشفا عن منهجه العقلى فى تناول المسائل، وأسلوبه العلمى فى معالجة القضايا، ، بينما الباب الثالث فأوضح آراء الصعيدى حيال قضايا فلسفية عامة والنظرية النقدية التى يجب على المسلمين انتهاجها.
وقد اختلف كل من الشيخ عبد المتعال الصعيدى وسيد قطب حيث يقول الكتاب "يرفض سيد قطب وجهة الصعيدى فى الدعوة ومنهجه الإصلاحى فى تقويم المجتمع لبعث الإسلام فى نظمه تدريجيا، وقد ألمح إلى ذلك دون أن يصرح باسم الصعيدى واكتفى بنقد آرائه، وموطن الخلاف بينهما يكمن فى أن سيد قطب أعطى لمفهوم الجهاد معنى ثوريا وجعله هو السبيل الأوحد لتطبيق الشريعة الإسلامية فى المجتمعات المسلمة التى جنحت عن الشريعة الإلهية".