تحل اليوم ذكرى ميلاد الكاتب الروائى الكبير إحسان عبد القدوس، الذى ولد يوم 1 يناير عام 1919، والذى يعد بمثابة نقلة كبرى متميزة فى الرواية العربية، خاصة أن رواياته استطاعت الخروج من المحلية إلى العالمية عن طريق الترجمة.
واحتفالا بذكرى ميلاده، سنتعرف على "إحسان عبد القدوس عندما يقرأ القرآن الكريم"، حسبما ذكر كتاب "إحسان عبد القدوس.. يتذكر" الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 1982، للدكتور أميرة أبو الفتوح.
والكتاب يوضح أن إحسان كان لديه إيمان بأن الأديب الذى يكتب بالعربية، لكى يستقيم له جمال العبارة والموسيقى الجملة، يجب أن يوثق صلته بالقرآن قراءة ودراسة.. وهذا ما حدث له بالفعل، فقد قرأ القرآن عشرات المرات بحكم نشأته مع جده العالم الأزهرى قرأه من باب التدين، وحينما أصيب بحالة نفسية وهو فى السابعة عشرة من عمره ألزمته الفراش فترة طويلة، تخلص منها بقراءة القرآن ثلاث مرات متوالية كعلاج نفسى.. ثم بعد ذلك يقرأ القرآن من باب التذوق لجمال عبارته والإحساس بموسيقاه التى لا تدانيها موسيقى.
وقال إحسان عبد القدوس، فى الكتاب، "شخصيتى الأدبية بنت الظروف والبيئة الاجتماعية التى نشأت فيها.. وهى ظروف متضاربة ومتناقضة للغاية.. ويتهم بعضها البعض.. وهذا التناقض فى نشأتى الاجتماعية الأولى أثر، ولا يزال يؤثر تأثيرا كبيرا جدا على شخصيتى لا كأديب فحسب، بل كمفكر وكاتب سياسى واجتماعى أيضا.. وأستطيع أن أقول بلا تحفظ كما سبق أن ذكرت أننى نشأت فى بيئة تجمع كل التضارب والألوان المتنافرة فى المجتمع المصرى.. فقد نشأت مثلا فى بيت جدى لوالدى "المرحوم أحمد رضوان" وكان من خريجى الجامع الأزهر، وكان يعمل رئيس كتاب بالمحاكم الشرعية، وهو بحكم ثقافته وتعليمه متدين جداً، وكان يفرض على كل أفراد الأسرة الالتزام بأوامر الدين وأداء فروضة والمحافظة على التقاليد بلا أدنى تساهل، وفى نفس الوقت كانت والدتى روز اليوسف فنانة معروفة، وسيدة متحررة.. لم تقف عند التفرغ للعمل الفنى، بل اشتغلت فى الصحافة والسياسة، وكنت انتقل أنا من ندوة جدى حيث يجتمع به زملاؤه من علماء الأزهر ورجال الدين بكل محافظتهم على التقاليد، لأجد والدتى تدير فى بيتها ندوة يشترك فيها كبار شعراء مصر وأدبائها إلى جانب السياسيين وكبار الصحفيين.. وكان الانتقال بين هذين المناخين المتناقضين، يصيبنى فى البداية بما يشبه الدوار الذهنى، حتى اعتدت عليه بالتدريج واستطعت أن أعد نفسى لتقبله كأمر واقع فى حياتى، لا مهرب منه".