تذكر الشاعر والناقد شعبان يوسف، صديقه الكاتب والروائى الكبير الراحل إبراهيم أصلان، فى ذكرى رحيله السادسة، إذ رحل فى 7 يناير عام 2012، قائلا فى تدوينه له على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك "لما انت ناوى تغيب على طول، مش كنت آخر مرة تقول: ما زلت أتذكر مكالمتنا الأخيرة بيننا، وربما تكون الأخيرة لك كذلك، وأنت تحفزنى على أن نلتقى فى أقرب وقت ممكن، وتذكرنى بأننى أخلفت عدة مواعيد من قبل، ويذكرنى بأننى كنت سأصبح شريكا له فى عضوية لجنة مكتبة الأسرة، كان ذلك فى الساعات الأولى من صباح 7 ديسمبر، ونحن نتحاور ثلاثتنا أنا وأنت وهشام، وكنت تناقشنى فى ما اخترته من كتب لمكتبة الأسرة، وكانت ذاكرتك الحيّة تصدح بعناوين الكتب المهمة والتى كانت فاعلة فى يوم ما، كنت تريد أن تصنع مشروعا مختلفا، وقد حدث بالفعل، أنك اخترت _مع زملائك_ وجبة مازلنا نعيش على بعضها، وبالطبع تبادلنا بضعة أحاديث حول أشخاص جوف ينفخون الحياة الثقافية كما الغازات السامة، ولا يتركون سوى روائحهم الفجة، وكنت أعلم أنك لا يعنيك حقدهم وحسدهم وتأويلاتهم، لأن المحبة التى كانت ومازالت تغمرك كانت تضايقهم إلى الآن، ومازالوا لا يطيقون الإشادة بك وبمنجزك الأدبى.
وتابع "مازلنا نقلدك ونسير على هدى بعض تعاليمك، ولكن هيهات بين المعلم والتلميذ، وهاهو حمدى أبوجليل يصرخ عند أى مفاجأة: "لا ياشيخ"، لا ياراجل"، تعبيراتك المتداولة، ومنذ أيام التقيت فى مجلس أنس مع حبيبك ابراهيم داود، وضحك فجأة وأخذ يهز كفه فى كفى كما كنت تفعل، تذكرتك على الفور، وقلت فى نفسى :"هاهم أحبابك يستعيدونك فى حركاتهم وتعبيراتهم واندهاشاتهم"، هل أقول كما قال أخوك صلاح عيسى عن ابراهيم منصور:"الأنس كان انت"؟، هاهو صلاح آخر واحد من كتيبة الستينات يغادرنا مهرولا نحوك، قل له "إننى أكن له حبا عظيما، رغم ماكان بيننا"، قل له :"إننى أبكى حرفيا على فراقه"، كنت أقول له : "إن جيل الستينات ليس جيلا، بل هو تنظيم، وأحيانا يصبح جيتو"، فأنا لا أنسى مقاله الذى نشره ردّا على مقال لى يدافع فيه عن الأبنودى، ولا أنسى مقالك الذى كتبته ردّا علىّ ونحن نتذكر يحيي الطاهر عبدالله، وكنت قد نشرت المقال فى جريدة "الرياض"، وقرأته بالصدفة، وفاتحتك فيه، فقلت لى :"انت قريته"، وأخذتك موجة من الحنين، وكنت وحدك فى كل بر مصر الذى تضع على حائط حجرتك الصغيرة فى مكتب جريدة "الحياة" صورة "غالب هلسا"، وأنت الوحيد الذى يكن مشاعر صافية تجاهه، رغم أن بقية أعضاء التنظيم لم يكونوا على وفاق معه بعدما كتب روايته "الروائيون"، وكان قد تناول ظاهرة "المنفسنين" مبكرا فى الحياة الثقافية المصرية.. لماذا لم تقل لى ياصديقى بأنك ستغيب طويلا حتى نلتقى ذات مساء أو صباح أو ظهيرة فى مكانك الأبدى، لماذا لم أصدق السيدة أحلام الكفراوى وهى تنقل لى خبر غيابك؟، ذلك ، لأنك موجود بقوة ونبل وفن وأدب وسلوك وشرف، وأنا أعنى كلمة الشرف التى ابتذلت الآن، فالآن بعض الأدباء يبيعون الشرف فى الأزقة والمنحنيات والطرق الموبوءة".
نم بسلام أيها العظيم حتى نلتقى، فهذه التغريدة السريعة لا تريد أن تنتهى.