"هل الإسلام يقول إن الشعب يكون كله من العبيد، وتكون هناك عيلة مميزة هى اللى تاخد الدخل كله؟! هل الإسلام يقول إن إحنا ناخد فلوس المسلمين؟! ننهب فلوس المسلمين؟!"، هكذا قال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فى أحد خطاباته عن جماعة الإخوان المسلمين وأطماعهم فى السلطة والمال.
ومنذ تأسيس جماعة الإخوان فى مارس 1928، وهى على خلاف دائم بكل الدوائر السياسية المصرية، تكره السلطة والمعارضة فى آن واحد، لما لا وهى أكبر الطامعين فى حكم البلاد، ليتمكنوا من القيام بطموحاتهم، وهى ما جعلها تواجه مصيرا صعبا، بدءا من قيام الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر بحل الجماعة فى 12 يناير 1954، بأن يثرى عليها ما يسرى على قانون حل الأحزاب السياسية.
وكانت وراء قرار "ناصر" عدة كواليس، منها ما قاله على عشماوى آخر قادة التنظيم الخاص لجماعة الإخوان، حيث أكد فى مذكراته، أن الإخوان استغلوا علاقتهم السابقة بالرئيس الراحل، قبل قيام ثورة الضباط الأحرار فى 23 يوليو عام 1952، وانضمامه لهم لفترة من أجل تنفيذ أهداف الثورة، ومن ثم السيطرة على الشارع والجماهير من خلال الجماعة وبعض المنظمات الأخرى.
ويرى "عشماوى" أن علاقة الإخوان كانت فرصة ذهبية للجماعة، لكنهم كعادتهم لم يستطيعوا استغلالها، وأنهم لم يحسنوا قراءة رجال الثورة، الذين رغم حل الأحزاب تركوا الإخوان وحدهم على الساحة، وهو ما جعلهم يتصورن أنهم القادة الوحيدون لهذه الثورة، حتى أن المرشد العام للجماعة آنذاك "حسن الهضيبى" أرسل للضباط الأحرار يطلب منهم أنه يتوجب عليهم استئذان مكتب الإرشاد قبل أى قرار، وعلى القرار الذى وصفه على عشماوى فى مذكراته بـ"القشة التى قصمت ظهر البعير"، حيث استفزت رجال الثورة وبدأت من حينها المشاحنات بين الطرفين، وبدأ الإخوان يسيئون النية فى الواقعة تلو الأخرى.
ومن هذه الوقائع بحسب ما أكد "عشماوى" عندما قام "ناصر" باختيار اثنين من الجماعة للعمل كوزيرين فى الحكومة الجديدة أجبرهم حسن الهضيبى على الاستقالة بحجة أنهم قبلا المهمة دون الرجوع إليه، وهو ما اعتبرها عبد الناصر إهانة موجهة له.
ومع وتيرة الأحداث اتخذ ناصر قرارا بحل جماعة الإخوان المسلمين فى يناير عام 1954، الذى استمر إلى مارس من نفس العام، حيث قام رجال البوليس بوضع "الشمع" على باب الشعبة وكان هذا يعنى وصول التوتر إلى درجة الصدام.
ويكشف "عشماوى" أن السبب الأساسى وراء حل الجماعة كان الخلاف مع "ناصر" على تفاصيل المفاوضات الجارية بين رجال الثورة والإنجليز لتحقيق الجلاء عن مصر، وكان اختلاف الجماعة نابعا من إحساسهم بخروج عبد الناصر ومن معه على قيادتهم، وتم اختيار هذا الموضوع ليكون سببا للصدام لما له من ثقل وطنى، مما يعطى الجماعة تأييدا شعبا فى صدامهم مع رجال الثورة.
وبحسب ما ذكره "عشماوى" إن اللواء محمد نجيب وكان رئيس الجمهورية كان جلس مع الإخوان ووعدهم بإطلاق الحريات واحترام المواطنين، وذلك ضمن مخطط الجماعة لمحاولة الانقضاض على الضباط الأحرار، وبدأ الهضيبى بعدها جولة بعدة دول عربية يهاجم فيها رجال الثورة، وتبع ذلك الأمر تظاهرات شهدت العديد من الضحايا.