توصل كتاب "توازن القوى النسبى.. دور نظريّة صدام الحضارات فى بناء عالم متعدّد الأقطاب" للباحث السورى محمد إسماعيل مرعى، إلى أن السياسة الدولية ستشهد عالما متعدد الأقطاب، بعد أن بحث عن إجابة لعلامات الاستفهام التى ظلت بلا إجابات مقنعة منذ أن دشن عالم السياسة الأمريكى صمويل هينتجتون نظريته الأشهر "صدام الحضارات" بالعام 1996.
ويحاول الكتاب استجلاء دور نظريّة صدام الحضارات فى بناء نظام دولى قائم على الأقطاب المتعدّدة، وليس على القطب الأوحد، كما ادعت عديد الدراسات والأطروحات التى ظهرت فى بداية تسعينيّات القرن العشرين؛ أى بعد سقوط الاتحاد السوفيتى.
على هذا النحو يحاول الكتاب الإجابة عن حزمة محددة من الأسئلة وضع المؤلف نصب عينيه منهجا للإجابة عنها وهى: ما تعريفُ كلٍّ من الثقافة، والحضارة؟ وما العَلاقةُ بينهما؟ وما أهمُّ فرضيّاتِ نظريّةِ صِدَام الحضارات؟ ولماذا ظهرت هذه النظريّة فى حقبة ما بعد الحرب الباردة؟ وهل يشهد العالم، فى هذه الآونة، انبثاق نظام دولى متعدّد الأقطاب، بعد أن تسيّدت الولايات المتّحدة الأمريكيّة العالمَ لبعض الوقت؟ وما معنى الحوار بشكلٍ عام؟ وما معنى حِوار الحضارات بشكلٍ خاص؟ وما تأثيرُ نظريّتَى صِدام الحضارات، وحوار الحضارات فى العَلاقات الدَّوْليَّة؟
للإجابة عن هذه الأسئلة ناقش الكتاب فى الفصل الأوّل، أهمّ محرّضات ولادة نظريّة "صدام الحضارات"، ومن ثمّ التّركيز على الفرضيّة الأساسيّة التى بُنيت عليها تلك النّظريّة، والمتمثّلة فى أنّ الثّقافة أو الهُويّة الثّقافيّة (والتى هى فى أوسع معانيها الهُويّة الحضاريّة) هى التى تُشكّل نماذج التّفكّك والصّراع فى عالم ما بعد الحرب الباردة.
كما ناقش الكتاب فى الفصول التالية مجموعة من الأفكار حول سبل إعادة السياسة إلى قوى متعددة الأطراف والأقطاب وخلص فى نهايته إلى أن عالم السياسة العالمية المعاصرة، ومنذ بداية العقد الثانى من القرن الحالى (الواحد والعشرين)، يتحوّل شيئاً فشيئاً إلى عالم الأقطاب المتعدّدة؛ بعد أن كانت "الولايات المتحدة الأمريكية"، ولمدّة عقدين من الزمن، الفاعل الأقوى، والقطب المهيمن على حلبة السياسة العالمية، وبذلك، تكون نظريّة "صدام الحضارات" قد صدقت فى تنبّؤها، المبكّر، بحدوث هذا التحوّل الكبير فى ميدان السياسة العالمية.