مع بداية فترة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، حاول الرجل عمل نهضة كبرى فى شتى المجالات، الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، والثقافية أيضا، فالعديد من المؤسسات والمظاهر الثقافية لم خرجت للنور بداية من عهد الرئيس الراحل.
ومع الاحتفال بمئوية الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، والذى ولد فى 15 يناير 1918، نرصد مع قدمه "ناصر"، من إنجازات وأعمال تخدم الثقافة المصرية والعربية.
البداية فى الحقبة الناصرية كانت مع فى عام 1956، مع صدور قرار إنشاء المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، كهيئة مستقلة ملحقة بمجلس الوزراء، تسعى إلى تنسيق الجهود الحكومية والأهلية فى ميادين الفنون والآداب، وكان المجلس بهذه الصورة هو الأول من نوعه على المستوى العربى الأمر الذى دفع العديد من الأقطار العربية إلى أن تحذو حذو مصر وتشكل مجالس مشابهة، وبعد عامين أصبح المجلس مختصاً كذلك برعاية العلوم الاجتماعية.. وظل المجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية يمارس دوره فى الحياة الثقافية والفكرية فى مصر، والذى تغير اسمه بعد عام 1980، ليصبح "المجلس الأعلى للثقافة".
وظل اهتمام الرئيس عبد الناصر، بأهمية الثقافة، لم يكفى إنشاء وزارة الثقافة المصرية، لتصبح مستقلة بذاتها بعدما كانت جزء ضمن اختصاصات وزير المعارف "التعليم"، فى فترة ما قبل ثورة 1952، وجاء أول ظهور لتلك الوزارة فى حكومة عام 1958، والتى تولاها الدكتور ثروت عكاشة تحت مسمى وزير الثقافة والإرشاد القومى، ليكون أول شخص يتولى مهام الوزارة فى تاريخها، ومنذ ذلك اليوم أصبحت الوزارة المسئولة عن وضع الخطط والرؤى الخاصة، بالثقافة المصرية، والحفاظ على التراث ورعاية مكتسباته الإبداعية، والعمل على تطوير والنهوض بالفكر والأدب والفن المصرى.
وفى كتابه "مذكراتى مع السياسة والثقافة" يكشف الدكتور ثروت عكاشة عن كواليس توليه تلك المنصب، ورؤية الزعيم الراحل عبد الناصر، موضحا أن "ناصر" كانت لديه رغبة فى أن تصبح الثقافة والفنون الراقية فى متناول الجماهير العريضة وأن تخرج من أسوار القاهرة والإسكندرية، لتبلغ القرى والنجوع، حتى يبزغ فنانين جدد من تلك القرى البعيدة، يعكسون فى إبداعتهم أصالتهم الحضارية، وأن فترة عمل "عكاشة" فى السلك الدبلوماسى كانت من ضمن اعتبارات ناصر يكى يطلع الرجل على الثقافة والفنون هناك ويستطيع التعايش مع التجارب العالمية فى ذلك كى يثرى بها الثقافة فى مصر.
من بعد وزارة الثقافة، كانت هناك ثورة أخرى تخص السينما والمسرح وباقى الفنون، قتم إنشاء مصلحة السينما، لكى تكون نواة فنية تحيط بعناية فنون المسرح والسينما والفنون التشكيلية،و إنشاء المعهد العالى للسينما عام 1959 إضافة إلى ذلك تم إنشاء إدارى الثقافة والنشر ومركز الفنون الشعبية والجماهيرية، الذى كان نواة فيما بعد لإنشاء الهيئة العامة لقصور الثقافة، للعمل على خلق مساحة إبداعية ثقافية تجمع الأجيال المختلفة من المصريين والعرب من المثقفين والمبدعين.
من ضمن أهم المشاريع الثقافية أيضا التى بدأت فى عهد الزعيم الراحل، كان مشروع الألف كتاب الذى صدر فى عام1955 ، بإشراف الإدارة العامة للثقافة، قسم الترجمة والألف كتاب التابعة لوزارة التعليم العالى، وتبع ذلك اجتماع فى يناير 1956 الذى عقدته الإدارة العامة للثقافة لتوزيع قوائم كتب الألف كتاب التى تم اختيارها على الناشرين، المشروع والذى لا يعمل الآن كسلسلة غير منتظمة، كان نواة لبداية سلاسل ومراكز الترجمة الكبرى مثل سلسلة الجوائز والمركز القومى للترجمة وسلسلة آفاق عالمية.
وقبل أن يغيب ناصر عن دنيانا بعام، وكأنه يترك لأنه آثرا نتذكره به، فكان أنطلاق معرض القاهرة الدولى للكتاب أكبر معارض الكتاب فى الوطن العربى والشرق الأوسط، وأحد أكبر 10 معارض على مستوى العالم، والذى بدء عام 1969، بقرار من وزير الثقافة آنذاك ثروت عكاشة وإشراف من الكاتبة الكبيرة الرحلة سهير القلماوى.