لا يغيب ابن تيمية عن الفكر العربى والإسلامى منذ مئات السنين، فما أن يقع حدث ما إلا وتظهر أفكار ابن تيمية وفتاويه الذى يلقبه الإسلاميون بـ"شيخ الإسلام"، بينما يرى آخرون أنه شيخ التكفير والأصل الذى اعتمد عليه الفكر الوهابى.
وكان ابن تيمية، مادة للنقاش داخل صالون ابن رشد الأدبى، بالمجلس الأعلى للثقافة، أمس، حيث رأى المفكر الكبير مراد وهبة، أن ابن تيمية، والذى تحل اليوم ذكرى ميلاده الـ755، إذ ولد فى 22 يناير عام 1263، كان من ضمن أسباب تكفير الفيلسوف ابن رشد، لأنه رأى أن التأويل فى النصوص الدينية بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار، على عكس رؤية الذى كان يرى وجوب تحكيم العقل فى التفسير الباطنى للنصوص الدينية، وإن فكره كان سببًا فى ظهور الوهابية فى القرن الثامن عشر، وتأسيس جماعة الإخوان المسلمين فى القرن العشرين، وإنه هو المحرك الرئيسى للفكر الإسلامى.
وللشيخ الراحل عدد من الفتاوى التى تسير دائمًا اللغط، وتكون حجة المتعصبين أحيانًا فى هجومهم وتطرفهم، ودائمًا ما يوجه المناهضون لفكر الرجل أصابع الاتهام بأنه أبو الإرهاب الأول فى العالم.
تارك الصلاة
وأكد أن الداعى إلى البدعة مستحق للعقوبة، قائلاً: "التعذير يكون لمن ظهر منه ترك الواجبات، وفعل المحرمات كتارك الصلاة والزكاة والمتظاهر بالمظالم والفواحش والدعى إلى البدع المخالفة للكتاب والسنة".
كما كان له موقف من تارك صلاة الجمعة قائلاً: "فإن التعبد بترك الجمعة والجماعة بحيث يرى أن تركهما أفضل من شهودهما مطلقًا كفر ويجب أن يستتاب صاحبه منه فإن تاب وإلا قتل"..مجموع الفتاوى..(3/ 52).
تهنئة النصارى فى أعيادهم
كان الإمام ابن تيمية، له موقف رافض لتهنئة المسيحيين، خاصة لمن أظهر الفرحة لهم، وإبداء المجاملة والموافقة على صنيعهم، ولو كان فى الظاهر دون الباطن .
وبحسب موقع الشيخ محمد صالح المنجد "الإسلام سؤال وجواب" عن بن تيمية فى "مجموع الفتاوى" (2/488) قال: "لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم فى شيء، مما يختص بأعيادهم، لا من طعام، ولا لباس ولا اغتسال، ولا إيقاد نيران، ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة، وغير ذلك، ولا يحل فعل وليمة، ولا الإهداء، ولا البيع بما يستعان به على ذلك لأجل ذلك، ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذى فى الأعياد، ولا إظهار زينة .
قوامة الرجل
للشيخ الراحل موقف واضح من مسألة المساواة بين الرجل والمرأة، حيث قال "قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ : الزَّوْجُ سَيِّدٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ . وَقَرَأَ قَوْله تَعَالَى : ( وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ) . وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : النِّكَاحُ رِقٌّ ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ عِنْدَ مَنْ يُرِقُّ كَرِيمَتَهُ . وَفِي التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٍ [ يعني : أسيرات ] ) فَالْمَرْأَةُ عِنْدَ زَوْجِهَا تُشْبِهُ الرَّقِيقَ وَالْأَسِيرَ ، فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ مَنْزِلِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ سَوَاءٌ أَمَرَهَا أَبُوهَا أَوْ أُمُّهَا أَوْ غَيْرُ أَبَوَيْهَا بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ " انتهى من " مجموع الفتاوى " (32/ 263).
التعذيب والقتل
كانت لابن تيمية عدد من الفتاوى الخاصة بالقتل والتعذيب والتى دائما ما تستند إليها الجماعات الإرهابية فى أعمالهم ومنها "فتاوى الإجهاز على الجريح من قتلى العدو"، وبحسب دراسة أعدها، فإن ابن تيمية كان يرى أن من تعبد الله بلبس الصوف أو التعرى أو الجلوس فى الشمس فهو شال ويجب الإنكار عليه، ويجيز تعذيب من أخفى مجرمًا أو محاربا يسلمه، ويجيز كذلك تعذيب من كان من أهل التهم وأنكر حقًا حتى يقر به.