نظرا للإقبال الشديد على زيارة المومياء الصارخة والمعروضة حاليا ببهو المتحف المصرى بالتحرير، تقرر مد فترة عرضها لمدة أسبوع آخر قبل نقلها إلى مكان عرضها الدائم بقاعة المومياوات بالمتحف.
وعن القصة الكاملة للمومياء، قالت وزارة الآثار، فى بيان صحفى، نجح مشروع المومياوات المصرية برئاسة الدكتور زاهى حواس، وزير الآثار الأسبق، خلال التسعينيات عن طريق تحليل الحمض النووى لها ولمومياء الملك رمسيس الثالث، أن المومياء الصارخة والتى تعرف علميا باسم مومياء الرجل المجهول E هى للأمير "بنتاؤر" الذى دبر مكيدة قتل والده الملك رمسيس الثالث.
وبالوصول إلى هذه النتائج العلمية يمكن القول إن فريق العمل قد نجح فى حل لغز هذه المومياء المجهولة، والتى أثارت حيرة وتساؤلات المتخصصين لسنوات طويلة لما أحاطها من غموض وأسرار، فقد تم دفن المومياء بخبيئة المومياوات الملكية بالدير البحرى، لكنها لم تكن ملفوفة بلفائف الكتان الأبيض الفاخر كعادة المومياوات الأخرى، بل كانت ملفوفة بجلد الماعز والذى كان يعتقد بأنه غير نقى فى مصر القديمة، كما وجدت يديه ورجليه مربوطتين بحبال من الجلد، كما أنه لم يتم تحنيطه على الإطلاق بل وتم الاكتفاء بتجفيفه فى ملح النطرون ثم صب الراتنج بداخل فمه المفتوح.
كما أن وجود علامات شنق على رقبة الرجل المجهول Eتتطابق مع النص الموجود ببردية مؤامرة الحريم والتى تسجل قصة المؤامرة على قتل الملك رمسيس الثالث.
وعند فحص مومياء الملك رمسيس الثالث ضمن أعمال المشروع ظهرت أدلة جديدة عن حياة الملك ووفاته تفيد بأنه توفى فى الـ 60 من عمره وأنه كان يعانى من التهاب بالمفاصل، لكنه لم يتوف نتيجة لكبر سنه، فعند الفحص الدقيق لمنطقة الرقبة بالأشعة المقطعية تنبين أن شخصا ما كان قد فاجأه من الخلف بطعنه فى الرقبة بسلاح حاد ومدبب كالخنجر، وقد وصل عرض الجرح البالغ فى الأنسجة لـ35 مم وامتد بعمق حتى وصل لنهاية الفقرة الخامسة وحتى الفقرة السابعة من فقرات الظهر، قطع الجرح جميع الأعضاء الموجودة بمنطقة الرقبة بما فيهم البلعوم، القصبة الهوائية، والأوعية الدموية الأساسية.
الأشعة المقطعية أظهرت أيضا أن المومياء احتفظت بجميع التمائم التى وضعها المحنطون داخل اللفائف الكتانية، حيث تم العثور على تميمة على شكل عين ودجات والتى ترمز لعين حورس، وقد تم وضعها على حافة الجرح الموجود بالرقبة باعتبارها رمزا للحماية والشفاء، حيث إنها تمثل عين حورس التى جُرحت فى إحدى المعارك بينه وبين الإله سيث، وتم شفاؤها بمعجزة من قبل الإله دجحوتى، وتم وضعها من قبل المحنطين بداخل الجرح متمنين شفاءه فى الحياة الأخرى، كما أظهرت الأشعة المقطعية وجود أربعة تمائم تمثل أبناء حورس الأربعة بداخل اللفائف الكتانية عند منطقة الصدر لحماية المومياء.
وسجلت قصة المؤامرة على الملك رمسيس الثالث تفصيلا ببردية مؤامرة الحريم والمعروضة حاليا بالمتحف المصرى بتورينو، حيث تحكى البردية عن قتل الملك رمسيس الثالث بتخطيط من زوجته الثانية "تى" وابنها الأمير بنتاؤر، وتقول البردية إن المتآمرين اشتملوا على قادة فى الجيش المصرى وعدد من الجنود والخدم بالقصر، إضافة إلى نساء من حريم رمسيس الثالث ومجموعة من السحرة، كما سجلت البردية أنه قد تم القبض على المتآمرين دون أن تسرد لنا أحداث المحاكمة كما أنه لا يظهر من خلال النص أى معلومة تفيد ما إذا كان رمسيس الثالث قد قتل بالفعل أم لا، فلا نجد معلومة قاطعة فى النص بل نجد عبارة تقول "لقد انقلب المركب الملكى" و إشارة للملك بأنه "الإله العظيم". هذا الغموض أدى إلى اشتعال مجادلات بحثية بين الدارسين إلى أن بدأ مشروع المومياوات المصرية.
يذكر أن مشروع المومياوات المصرية الجارى تنفيذه وما يحويه من دراسات علمية يهدف إلى إنشاء قاعدة بيانات كاملة تشمل جميع المعلومات التشريحية الخاصة بكل المومياوات المعروضة والمحفوظة بالمتحف المصرى .