على أبو شادى فى "كتبه".. حلل سينما الأبيض والأسود وكشف كيف خذلته السياسية

"تاريخ السينما المصرية بالتحديد سينما مع المتاح والرائج، لكن كان هناك دائما هامش محترم موجود، يتحدث عن الواقع المصرى بشكل حقيقى، وبقدر ما يستطيع وفى ظل ظروف معقدة يقدم صورة حقيقة عن هذه الواقع لمناقشة مشاكله وهمومه وأحلامه " هكذا لخص الراحل على أبو شادى رؤيته الخاصة لتاريخ السينما المصرية، منذ بدايتها وإلى الآن، خلال إحدى لقاءاته التليفزيونية قبل رحيله بشهورقليلة، وهى النظرية التى كان دائم ذكرها كلمات تحدث عن واقعية السينما. صاحب كلاسيكيات السينما، الفيلسوف الساخر، كما لقبه أصدقاؤه، الناقد العائش فى السينما، الكبير على أبو شادى، الذى غاب عن عالمنا بعد 72عاما، قضاها "أبو شادى" ناقدا ورقيبا ورئيس لشركة مصر للسينما. على أبو شادى، أحد القلائل الذى قدم مراجعات للسينما المصرية، وأرخ لاتجاهاتها ولغتها وسحرها على الجمهور، ومعاشرتها للسياسية، فكانت له العديد من الدراسات والكتابات التى حملت أثرا عظيما فى نفوس محبى الفن السابع، ومهد الطريق للعديد من كتبوا فى الثقافة والفن، ومنها: سحر السينما وقدم أبو شادى كتابه الصادر عام 2006، هذا إلى الجمهور غير المختص فى الشأن السينمائى، ليقدم لهم مادة سهلة خفيفة عن النواحى التقنية فى الفن السابع، إذ يتناول الكتاب مراحل صناعة الفيلم السينمائى من الفكرة إلى الشاشة. كما قدم توطئة نظرية لا بأس بها للقارئ عن كيفية حدوث هذه العمليات الفنية، ليوجه الكتاب بشكل أكبر للقارئ العادى لأن خبرة صانع الأفلام هى دون شك أوسع من الشروح والخلفيات العامة الموجزة التى يقدمها الكتاب. خمسون فيلماً من كلاسيكيات السينما المصرية الكتاب يحاول من خلال النماذج التى يقدمها تقييم الذرى الفنية فى السينما المصرية تقييما فنياً وفكرياً فى إطار من الموضوعية مراعياً وضع تلك الأعمال فى سياقها التاريخى باعتبار أن كلا منها يشكل حلقة هامة فى سلسلة تطور فن -وصناعة- السينما على امتداد الوطن، ويقدم دراسة موضوعية تضع هذه الأعمال فى سياقها التاريخى وتحاول تقييم الجوانب الفنية فيها بعناصرها المختلفة كلغة سينمائية وخاصة أن معظم العمليات السينمائية من تصوير ومونتاج وإخراج بالإضافة إلى الديكور والموسيقى أفرزت أسماء يصل بعضها إلى مصاف أقرانهم من فنانى السينما العالمية. السينما والسياسة ويمثل الكتاب الصادر عن 2000، مجموعة من الدراسات والمقالات التى حاولت رصد تلك العلاقة المبتادلة بين السينما والسياسية.. والسياسة هنا تعنى النظام السياسى، تم نشر معظمها فى مجلة "فن" اللبنانية و "الكواكب" المصرية، وصحيفة "الحياة" التى تصدر فى لندن وذلك خلال الفترة من (1991- 1997) وبعضها لم ينشر من قبل. ويرى "أبو شادى" فى كتابه أن بين السينما والسياسة فى مصر علاقة معقدة شديدة التشابك، والتداخل حين طلبت السياسة دعم السينما، فرت السينما من الميدان وخذلت السياسة لكنها استدارت لتطلب من السياسة أن تعطى وتمنح، وحين أعطت ومنحت تصرف البعض بسفه وسفاهة وأهدر المال العام فى اكتشاف الأصداف العطنة وإن أثمر عن غير قصد العديد من اللآلى والدرر التى ما زالت تزين رغم أنف الكثيرين. وقائع السينما المصرية فى القرن العشرين يضم الكتاب العشرين سنة حتى عام 2000 من وقائع السينما المصرية وإن ظلت مهتمة بما يحتويه من وقائع مكثفة ومركزة ومختصرة إلى حد كبير أن يفتح أمام القارئ والباحث آفاقاً رحبة لارتياد تاريخ السينما فى مصر ليعيد قراءته فى ضوء إنجازات وإحباطات قرن كامل ومن خلال منهج يجتهد فى أن يربط بين تلك الوقائع وما يجرى على أرض الوطن، ويعيد ترتيب التاريخ فى ضوء رؤية كاملة وشاملة يقدم الكتاب مادتها الأساسية. ويبحث الكتاب بداية بالسينما الصامتة وبعدها ينتقل إلى السينما الناطقة. حيث يسرد تاريخيا الأفلام التى عرضت وتاريخ ذلك العرض. من أفلام التسعينيات "مقالات نقدية" الكتاب عبارة عن توليفة متنوعة ومتميزة يقدم لنا "على أبو شادى" رؤية نقدية موضعية تصد عن قرب أفلام فترة التسعينات والسينما الخاصة بتلك الفترة، وذلك فى عدة مقالات تناول كل مقال فيها فيلماً واحداً وناقشة من كافة زواياه، وهو فى هذا قد يكون له نقد لاذع أو يصفق لمن أجاد، ولكن فى كافة الأحوال يتحرى الموضوعية فى مناقشة كافة العناصر التى تتألق مكونة الفيلم السينمائى، نذكر من تلك الأفلام التى وردت فى مقالات "أبو شادى" والتى تخطت العشرين فيلماً "قلب الليل، هارمونيكا، الراقصة والسياسى، قشتر البندق، الجراج، ضد الحكومة، سيداتى آنساتى، امرأة واحدة لا تكفى" وغيرها مما ينتمى لأفلام التسعينات وضمة هذا الكتاب. أبيض وأسود يقدم الناقد الكبير من خلال كتابه ثمانية عشر فيلما من أهم الأفلام فى تاريخ السينما المصرية، من أفلام الأبيض والأسود والتى صدر قبل أن تظهر الأفلام الملونة فى السينما المصرية، تم اختيارهالما تمثله من قيمة فنية وفكرية خاصة، كما يرأها المؤلف، ويقدم من خلاله دراسة تحليلية شملت العناصر الفكرية والفنية والرقابية جميعا. وهذه الأفلام هى "عثمان وعلى، ليلى فى الظلام، الوحش، شباب امرأة، اللص والكلاب، ميرامار، المتمردون، يوميات نائب فى الأرياف، بابا أمين، ابن النيل، جميلة، لست ملاكا، ليلة غرام، بائعة الخبز، الزوجة رقم 13، أم العروسة، الطريق، شئ من الخوف". لغة السينما فى كتابه "لغة السينما" الذى صدرت طبعته الجديدة، أخيراً، عن وزارة الثقافة السورية ضمن سلسلة"الفن السابع"، يسعى الناقد السينمائى المصرى على أبو شادى إلى تقديم لمحة بانورامية شاملة عن العملية السينمائية بمختلف مراحلها، بدءاً من الفكرة والسيناريو مروراً بعمليات التصوير والمونتاج وصولاً إلى إنجاز النسخة السينمائية للفيلم المعدة للعرض فى الصالات. وبحسب مقالة للكاتب إبراهيم حاج عبدى، نشرت بجريدة الحياة اللندية، أن الطبعة الأولى للكتاب صدرت نهاية الثمانينات، وقد حمل عنوان"الفيلم السينمائي"، ثم جاءت الطبعة الثانية منتصف التسعينات تحت عنوان"لغة السينما"، وفى الطبعة الأخيرة، هذه، يستكمل أبو شادى ما يراه قصوراً فى بعض مواضع الكتاب، فأسهب فى ما سبق أن أوجز فيه، وأعاد ترتيب بعض الفصول، وأضاف عدداً من النماذج التطبيقية من إبداعات فنانى السينما المصرية، تفسيراً وتوضيحاً، لتكون الجديدة هى المكتملة، والمعبرة، بصورة دقيقة، عن آراء ومواقف المؤلف. وجوه وزوايا وقبل أن يرحل الناقد الكبير، آبا ألا يترك لنا أثرا آخرمن أعماله عن علامات السينما، الدراسة لتقديم صورة مقربة لعدد من الشخصيات التى أٓثرت فىالسينما المصرية عبر تاريخها، وسعت، وكان لهم دور فاعل ومؤثر فى تغيير وجه الفن السينمائى كتابة وتمثيلاً وإخراجا ونقداً، سواء فى السينما الروائية أو التسجيلية، بحيث بات جلها رموزاً حية، ودائمةً لكل ما هو نبيل وجاد فى تاريخ السينما والثقافة السينمائية فى مصر. ومن أبرز الشخصيات التى جاءت فى الكتاب، يوسف شاهين، نجيب محفوظ، كمال الشيخ، عم توفيق، سعاد حسنى، رأفت الميهى، يحيى حقى، أحمد الحضرى، رفيق الصبان، عبد القادر التلمسانى، هاشم النحاس، رضوان الكاشف، سعد نديم، كامل التلمسانى، على الغزولى، سعيد شيمى، عطيات الأبنودى، صلاح التهامى، أنسى أبو سيف.