بترقب تنتظر كل الأمهات أن يقف طفلها على عتبات عامه الرابع لينتظم فى صفوف التعليم ما قبل الأساسى، ويتدرج به ليضمن مكانه فى مدرسة تليق بالمستقبل المرجو له. تشعر بالتوتر أحيانًا حين يطول انتظارها للعام الخامس بسبب شهر الميلاد، ولا تسمح بأى حال من الأحوال أن يتجاوزه. أما شهور انتظار الطفل "يوسف رضا" للمدرسة فطالت حتى وصل الثامنة دون أن يتمكن من الالتحاق بمدرسة تناسبه لأنه طفل توحدى.
"بحاول من 3 سنين وشوية ومافيش مدرسة فكرية حكومية راضية تقبله ومصاريف الخاصة ما نقدرش عليها" معضلة عجزت الأم عن الوصول لحل لها طوال 3 أعوام وهى تفكر فى معجزة تمكن الأسرة من توفير 7 آلاف جنيه شهريًا لتعليم يوسف، فضلاً عن ألفين ونصف تكاليف رعايته إلى جانب 3 أطفال آخرين، بينما يعمل رب الأسرة عامل بناء بسيط "على باب الله" كما تقول الأم.
رحلة يوسف فى البحث عن مدرسة بدأت قبل أن يتم الرابعة كما تحكى أمه: "كان لسة ماقفلش 4 سنين" ألحقته بمدرسة لذوى الاحتياجات الخاصة تابعة لواحدة من الجمعيات الخيرية، ولكن بدلاً من أن يتحسن مستواه تراجع على مدار سنتين، كان حين دخلها حافظًا لبعض الآيات القرآنية والأناشيد التى يرددها وحده، ولكنه قضى سنتين فى المدرسة وهم لا يعرفون أنه يتكلم ويمكنه الترديد وراء الآخرين فتسببوا فى تأخره.
وتوضح الأم: رغم أن هناك تقريرًا بحالته وأنه قادر على الكلام إلا أن مديرة المدرسة كانت تتحكم فى نظام معين يجب أن يتبعه جميع المدرسين ولم يلتفتوا لطلبى بضرورة تكثيف التخاطب كى أساعده على الكلام، وكانوا يجمعوا فى الفصل الواحد جميع الإعاقات بالتالى لا يوجد تركيز على محتوى يقدم ويناسب طفل التوحد بشكل خاص ولا أى طفل آخر.
بعد هذه المحاولة قررت "أم يوسف" أن تطرق باب المدارس الفكرية الحكومية وتقول "حاولت على مدار عامين أن أقدم له فى مدرسة فكرية حكومية واحدة منهما قريبة منا فى الهرم إلا أنهم رفضوه فى المرتين، وكان سبب الرفض فى الأولى أنه يرتدى الحفاضات ويشترط أن يكون قادرًا على الاعتماد على نفسه ليقبل فى المدرسة.
أما المدرسة الثانية التى تطبق نظام الدمج فأوضحت إدارتها أنهم لا يقبلون أطفال التوحد وإنما يقبلون فقط الطفل الذى يعانى صرعًا متقطعًا، وبالتالى لا يمكن أن تقبله إلا مدرسة خاصة لذوى الاحتياجات الخاصة ولكن بـ 7 آلاف جنيه شهريًا، وحين شرحت ظروفى لمديرة المدرسة خفضتهم إلى 5 آلاف جنيه ولكن طبعًا بالنسبة لى الـ 5 حلم".
يشار إلى أن عدد المصابين بالتوحد فى مصر يقدر بـ 800 ألف مصاب وفقًا للرقم الذى أعلنته منظمة الصحة العالمية عام 2014، ويعد مصابو التوحد من الفئات التى تقع تحت مظلة الدمج فى مدارس التعليم العام وفقًا لقرار وزارة التعليم عام 2015، بشرط ألا تقل درجة ذكاء الطفل عن 65 درجة على مقياس ستانفورد بينيه ولا تزيد عن 84 درجة.