بين السماء والأرض يعملون بهمة وحماس غير مبالين بالشمس الحارقة التى ترسم تقطيبة على جبينهم. تتابع دقات المطرقة فى أيديهم وكأنها سيمفونية متناغمة، يرتبون الأخشاب سطرًا سطرًا كنوتة موسيقية تتضح معها ملامح البناء.
وفى غمرة انهماك "نجارى المسلح" فى العمل بعضلات مشدودة وهمة عالية لم ينتبهوا لعدسة "انفراد" التى تتجول فى شوارع مصر لترصد ملامح الحياة اليومية.
تظل عيونهم معلقة للأعلى لساعات تدقق النظر فى الأعمدة الخشبية التى يرتبونها جنبًا إلى جنب، وربما لا يشعرون بعدد ساعات وقفتهم تلك ورقبتهم المعلقة لأعلى إلا فى نهاية اليوم، حين يودعون موقع العمل بنظرة أخيرة من بعيد إلى أعلى لينظروا إلى ما صنعت أيديهم، ويتدثرون فى فراشهم ليلاً فيسرقون من الزمن ساعات راحة قليلة تعينهم على مواصلة العمل فى يوم جديد.