عاش فى بيت المقدس بفلسطين، وكان قد وهب نفسه للعبادة وخدمة بيت المقدس مع آخرين مثله، وكان هدفهم إبقاء شريعة سيدنا موسى عليه السلام كما جاء بها من عند الله سبحانه وتعالى، وكذلك الحفاظ على تلك الشريعة ورعاية المجتمع فى ظلها، إنه سيدنا زكريا عليه السلام .
حارب التجار الذين عاشوا فى المدينة رغبة منهم فى فرض سيطرتهم وأوامرهم على الناس، وكان سيدنا زكريا يحاربهم وحده دون أن يسانده أحد، حتى بلغ من العمر تسعين عامًا دون أن يكون له ولد يرثه، تلك الأمنية التى ظلت تراوده وهى امتلاك طفل يرث حكمته وعلمه ويقود الدعوة من بعده لله .
كانت زيارته للاطمئنان على مريم بنت عمران فى محرابها نقطة تحول كبيرة فى حياته، حيث وجد عندها الكثير من الطعام والرزق، وحين سألها عن مصدره قالت إنها من عند الله فالله يرزق من يشاء بغير حساب، وقتها شعر سيدنا زكريا برغبته فى دعاء الله سبحانه وتعالى أن يهبه وريثًا يحمل الرسالة من بعده، فبما أن الرزق من عند الله، كذلك الأبناء هم هبة أيضًا من عنده سبحانه وتعالى، فاعتزل فى محرابه وهو يرجو من الله أن يرزقه الولد الذى يتمناه، ولم يمض وقت قليل حتى استجاب الله لدعائه وأرسل الملائكة لتبشره بغلام اسمه "يحيى" .
قالت له الملائكة: "إن الله يبشرك بغلام اسمه يحيى وهو اسم لم يسمى به أحد من قبل"، ففرح زكريًا، لكنه نظر إلى شيخوخته وتذكر زوجته التى لم تنجب أبدًا، وسأل ربه: "كيف يكون لى ولد وقد بلغت هذا العمر وزوجتى عاقر لم تنجب قط"، فتلقى الرد: "قال كذلك قال ربك هو على هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئًا"، وحين طلب آية من ربه ليتأكد من البشرى، قال ربه آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال متواصلة.
وبالفعل نفذ زكريا ما أمره الله به، وعندما خرج من محرابه أشار للناس ليسبحوا الله بكرة وعشيًا، وتحققت البشارة ورزقه الله سبحانه وتعالى بـ"يحيى" عليه السلام ليستلم الرسالة من بعده .
واسم زكريا معناه: يذكرُ الله