بصوت عذب وفى ملابس طبية بيضاء يجلس على حافة سرير المرضى فى هدوء وسكينة لينشد التواشيح الدينية، هذا ما يفعله محمود معتمد ممرض فى الزقازيق خلال نوبات عمله، من أجل إدخال السكينة والهدوء على قلوب المرضى الذين يتلقون العلاج فى مستشفى الزقازيق.
ممرض بدرجة منشد، هذا هو اللقب الذى يطلقه محمود معتمد ممرض فى الزقازيق بمحافظة الشرقية، على نفسه، حيث ينشد بعض التواشيح الدينية على المرضى فى المستشفى أثناء تقديم الخدمات الطبية لهم، للتخفيف عنهم ودعمهم نفسيًا، والذى يبدو أنه اشتهر بدرجة كبيرة بين زملائه الذين يحرصون على تسجيل وتوثيق جلسات إنشاده بمقاطع الفيديو عبر هواتفهم المحمولة.
وفى مبادرة منه لمشاركة تلك اللحظات الخاصة من الإنشاد، قرر محمود معتمد مشاركة مقاطع الفيديو المصورة لجلسات الإنشاد مع المرضى فى المستشفى عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، وبالفعل قد لاقى أول مقطع فيديو ينشره الممرض الشرقاوى تفاعلًا من أصدقائه ومتابعيه، حيث أعادوا نشره عبر صفحاتهم على منصة السوشيال ميديا، لتحصد جلسة الإنشاد هذه أكثر من 2000 مشاهدة.
وفى تعليقه على مقطع الفيديو، قال محمود معتمد الممرض فى الزقازيق، "بعد إصرار من الناس فى المستشفى أن أنزل حاجة هما اللى مسجلينها ليا والله.. يارب تنال إعجابكم.. الشير بيفرح.. الفيديو الأول ليا ف المستشفى.. للى عايز يشوفه تانى.. دعواتكم الطيبة"، ليبدو بذلك أن محمود مازالت فى جعبته الكثير والكثير من الفيديوهات لجلسات إنشاد أخرى مع المرضى بالمستشفى التى سيواصل بثها على التوالى خلال الفترة المقبلة.
وفيما يبدو أن الموسيقى والإنشاد أصبحا يمثلا وسيلة هامة للتخفيف عن المرضى، يشار إلى أنه فى ذكرى مرور 250 عامًا على ميلاد الموسيقى الألمانى بيتهوفن، خففت موسيقاه ولو قليلاً من أوجاع مرضى السرطان فى لبنان، فكان المرضى يتمايلون فرحاً فى استبدال مؤقت للتلوى من الألم فى حفل موسيقي حمل عنوان "حيث ينمو الأمل".
وضمن فعاليات مهرجان البستان في لبنان، كان قد أقيم حفل استضافه مركز السرطان فى الجامعة الأمريكية ببيروت، شهد حضوراً كبيراً من المرضى وذويهم والأطباء والممرضات ومتذوقى الموسيقى الكلاسيكية، ونظم الحفل بالتعاون مع صندوق دعم مرضى السرطان وجمعية "سينج فورهوب" الأمريكية، وأقيم مجاناً، وقدمته عازفة البيانو الإيطالية العالمية جلوريا كامبانير، التى عزفت مقطوعات للموسيقى الألمانى الراحل لودفيج فان بيتهوفن (1770 - 1827)، وذلك وفقًا لما نشرته وكالة "رويترز" للأنباء.
وصندوق دعم مرضى السرطان هو مبادرة خيرية ضمن مركز سرطان البالغين التابع للمركز الطبى فى الجامعة الأمريكية فى بيروت، ونائبة رئيس مهرجان البستان الدولى، لورا لحود، قالت فى كلمة ألقتها قبل العرض: "اعترف بأننى اخترت الفنانة جلوريا كامبانير من دون أن أسألها سلفاً ومن دون أن أعرف بأنها تشارك كثيراً فى الأعمال الخيرية من خلال عزفها، ولكنها وافقت بسرعة وكانت كريمة جداً وقد اختارت لنا اليوم برنامجاً مشوقاً مليئاً بالمقطوعات الانتقائية لبيتهوفين أبرزها سوناتا ضوء القمر ولغيره من المؤلفين كمفاجأة للحضور الغفير".
وأضافت: "فى هذا المكان ينمو الأمل بالفعل، والموسيقى لها قوة علاجية هائلة كما تبث فى قلوبنا الأمل"، وقالت مؤسسة الصندوق، هلا دحداح: "اليوم نكافح المرض من خلال الموسيقى، اليوم نقهر المرض من خلال الفن، اليوم معركتنا نغمية، وهى مناسبة جميلة أن نختار المؤلف الراحل بيتهوفن الذى لم يعزف خلال حياته للنبلاء فقط بل أيضا لمختلف الجمعيات الخيرية"، أما الموسيقية كامبانير، فقالت إنها "لا يمكن أن تتخيل حياتها من دون الأعمال الخيرية التى تأخذها إلى كل أنحاء العالم".
وأشارت إلى أنها تأثرت كثيرا بالعدد الكبير من الناس الذين حضروا لدعم الفن والعمل الخيرى فى انصهارهما مع الطب، وولدت كامبانير فى فيينا عام 1986 وقدمت حفلتها الموسيقية الأولى وهى فى عمر 12 سنة مع أوركسترا فيينا السمفونية وحازت على الجائزة الأولى فى أكثر من مسابقة محلية وعالمية.