يبحث الناس حول العالم عن البدائل السريعة لكل المتغيرات التى طرأت على حياتهم بسبب الإغلاق المفروض إثر تفشى فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، فبينما أصبحوا ممنوعين من ممارسة حياتهم بشكل طبيعى، كان الحضور الأكبر للعالم الافتراضى وتطبيقات الإنترنت لحل المشكلة.
وبينما بدأت المحامية ثيرى العام بحماسة بالغة وهى تخطط لحفل زفافها ووظيفتها الجديدة، ألقى انتشار فيروس كورونا الجديد بظلاله على المشروعين، فما كان منها إلا أن تحولت إلى تطبيق خاص بعلم الفلك على هاتفها الخلوى لطلب المساعدة لتعذر زيارة منجّم.
ومقابل بضعة دولارات تلقت الشابة البالغة 26 عاما نصيحة "روحية" بالقيام بأعمال خيرية حول المنزل، من التبرع بالأزهار إلى إطعام الحيوانات فى الشارع لضمان حظ جيد، وتقول ثيرى، لـ"فرانس برس" – وفقًا لما نقله موقع " euronews" - "سوف أتبع النصيحة"، مثنية على تطبيق "مين ثين خا" الذى يعوض عدم قدرتها على أن تقصد عالم فلك فى أحد معابد يانجون.
وهذا التطبيق هو الوحيد فى ميانمار، ويدعى أصحابه الذين أطلقوه قبل عامين أن لديهم مليونى مستخدم ينشط منهم نحو 50 ألفا يوميا، وبإمكان المستخدمين الاختيار بين 23 منجما يتعاملون مع التطبيق، بحيث يتم إرسال سؤال إلى أحدهم بعد الدفع عبر الهاتف أو تحويل مصرفى، مع وعد بتلقى إجابة صوتية فى غضون 24 ساعة.
وقد أدت حالة الشك والخوف من المجهول التى أرساها فيروس كورونا، إلى زيادة عدد طلب الاستشارات بمعدل 50%، وفق شركة "باجان للابتكارات التكنولوجية" التى تقف وراء خدمة التنجيم الافتراضى.
وعلم الفلك يتداخل بشكل وثيق منذ زمن بعيد مع المعتقدات البوذية، وخصوصا فى ما يتعلق بالقرارات الكبيرة التى لا يمكن اتخاذها فى الغالب من دون استشارة روحية، وكان الحكام العسكريون السابقون للبلاد قد منعوا الانترنت إلى حد كبير، لكن تطبيق "مين ثا خا" جزء من المجتمع الرقمى الوليد الذى يحاول اللحاق بالتقدم.
واسم التطبيق يعود إلى أحد أهم المنجمين فى ميانمار الذى حرصت عائلته وأتباعه بعد رحيله عام 2008 على إبقاء إرثه، ويقول أحد المؤسسين "لقد وسعنا التجربة الشخصية"، مضيفا "أردت أن أثبت أن التقنية الرقمية ليست فقط للابتكارات الجديدة، لكن يمكن أيضًا أن تحسّن التقاليد المتوارثة".
بعد انتشار وباء كورونا حلت الاستشارات الروحية المتعلقة بالمخاوف حول العمل وصحة أفراد الأسرة مكان طلبات المساعدة بشأن تسمية الأطفال والشركات أو اختيار مواعيد حفلات الزفاف، وسجلت هذه الدولة النامية حتى الآن 144 إصابة مؤكدة بفيروس كورونا وخمس وفيات، لكن الخبراء يعتبرون أن الرقم الحقيقى يمكن أن يكون أعلى بكثير بسبب عدم إجراء فحوص كافية.
والعلاقات العاطفية أيضا من المواضيع الطاغية فى التطبيق، فالعمال العائدون من تايلاند يسألون عن أحوال حبيباتهم هناك، فيما النساء يدخلن التطبيق بسبب القلق والمخاوف على أزواجهن الذين يعملون على منصات النفط أو كبحارة.
ويقول المنجّم وين زاو، البالغ 70 عاما، وهو شقيق الراحل مين ثين خا، "بإمكاننا المساعدة فى انتشال الناس من الشعور بالاكتئاب وإعادة الثقة بالنفس إليهم والأمل بالمستقبل"، ويعمل زاو فى التنجيم منذ 30 عاما ويصف التحول فى هذه المهنة إلى الانترنت بأنه "ثورة تكنولوجية"، لكنه يعترف بوجود سلبيات، فالجلوس مع الزبون وجها لوجه يمكّن العين المدربة من التقاط إشارات من وضعية الجسد وطريقة التصرف، ما يجعل العمل من بعد يفتقد إلى الدقة فى بعض الأحيان.
ويدعى زميله المنجم هتون أونج لو، البالغ 45 عاما، أنه تنبأ بتحطم الطائرة الماليزية عام 2014 وأيضا بمن سيصبح رئيسا لميانمار بعد الانتخابات الأخيرة، لكنه يضفى شيئا من التفاؤل على زمن الكورونا، متوقعا استقرار انتشار الوباء فى مايو قبل أن ترد بعض "الأخبار الجيدة حول اكتشاف لقاح بين 2 و 12 يونيو".