حين قال درويش "أحن إلى خبز أمى" كان بالتأكيد يقصد الخبز الذى تصنعه الأم بيديها وتمنحه من أنفاسها مذاقًا مميزًا ليخرج من الفرن دافئًا كقلبها ليدفئ كل البيت، لكن الأمهات يشبهن الساحرات الطيبات كل ما يلمسنه بيديهن الكادحة يكتسب مذاقًا مختلفًا حتى لو كان كل ما فعلنه هو وقوفهن الطويل فى طابور من الساعات الأولى للصباح أمام مخبز العيش لتأمين ما يكفى من الخبز لأسرتها.
الخبز الذى تحمله الأم ويحمل مذاقه الكثير من اهتمامها وحرصها على أن يكون دافئًا بهيًا، ترتبه بعناية على القفص المصنوع من جريد النخل ليأخذ كل رغيف مساحته من الهواء ويحتفظ بشكله ولا تصغطه على بعضه فيصبح مدكوكًا.
يحمل مذاقه بعضًا من صبرها على الوقفة الطويلة، وهمتها التي لا تكل يومًا، وحبها وعنايتها بأسرتها وحرصها على كل تفصيلة متعلقة بيومهم.
المشوار المرهق صباحًا إلى المخبز لا يختلف عن عجن العيش وخبزه فى المنزل، فتتغير الطريقة قليلاً ولكنه يظل "خبز أمي" ويظل واجبًا مقدسًا تقوم به بلا كلل كل صباح.