" الجعران " احتار فيه الكثيرون من بين تصنيفه كحجر كريم أو كحشرة يعتبرها القدماء المصريين مقدسة بالنسبة لهم، إلا أنها تعتبر من أهم وأجمل الرموز الفرعونية التي امتازت بها الجداريات، وزينت بها بعض التوابيت الفرعونية، ولوقتنا هذا، يصنع منه أشكال في الحلى التي تستخدمها الكثير من الفتيات، ومع احتفالات طريق الكباش والذي يستعرض الحضارة المصرية القديمة وهول عظمتها، فعلينا معرفة رموز قدمائنا المصريين
قال الخبير الأثري والمتخصص في علم المصريات الدكتور أحمد عامر في حديثه لـ "انفراد" إن المصريين القدماء رمزوا للخير بـ "خبر" والتي تعني في اللغة المصرية القديمة بالجعران، ومعناها "الذي لم يكن"، ثم أصبحت هذه الحشرة التي عبرت في اللغة المصرية القديمة عن معنى "خلق".
اعتبروه رمزاً للإله الخالق:
وتابع كما جعلوا قدماء المصريين صورتها رمزاً للإله الخالق، الذي ارتبط منذ أقدم العصور بإله هليوبوليس "آتوم"، ثم بالإله "رع" الذي عبد في نفس المدينة فيما بعد، وارتبط الجعران في رمزيته السابقة ارتباطاً وثيقاً بعقيدة انتشرت بين المصريين، وهيمنت على حياتهم الدينية، فاتخذوا منه تميمة تحمي صاحبها من الشرور، وحيلة يتزين بها الناس.
وضعت على صدور المومياوات:
وأشار"عامر" إلي أنهم وضعوه منذ الدولة الوسطي في صدور الموتى بعد تحنيطهم للتبرك به، وتميزت به الحضارة الفرعونية، وفي الغالب كان يتم تصنيعه من الفيانس، أو الأحجار الصلبة، مثل الجرانيت والبازلت، وكذلك من العقيق واللازورد، وغيرها من الأحجار نصف الكريمة، وقد بدأ المصريون القدماء في استعمال الجعران كختم منذ آواخر الدولة القديمة، ونقشوا على باطنه بعض العلامات المحفورة ليختموا قطعة من الطين، حيث يقوموا بتثبيتها بخيط سميك، يربطون به غطاء آنيه، أو صندوق، أو ملف بردي فتظهر العلامات فوق سطح الطين للتأكد من سلامته وعدم التلاعب به.
تميمة حظ:
وتابع "عامر" أنه منذ الدولة الوسطي بدأ استعمال الجعران كتميمة، في حين أخذ بعض ملوك الدولة الحديثة في استعماله لتسجيل بعض المناسبات الرسمية، مثل الزواج الملكي، أو الخروج في مواكب الصيد وغير ذلك، كما فعل الملك أمنحوتب الثالث، وغيره من الملوك، وإلى جانب هذا فقد استعمل الجعران لتسجيل نص من كتاب الموتي، ويعرف هذا النوع باسم "جعران القلب"، فكان غالباً ما يوضع في مكان القلب في الجثة.
رمز ديني:
واستطرد الخبير الأثري أن هذه العادة قد ارتبطت منذ أخذ المصري بعقيدة "أوزريس"، وقد عُرف أن القلب هو الشاهد الذي يتولي الحديث عن صاحبه أمام محكمة الموتى، وأن هذا الحديث سوف يُبعث به إلى الجنة أو إلى الهلاك، ويُعد "خبر" أو الجعران في نظر المصريين القدماء الإله الذي خلق نفسه بنفسه، لإعتقادهم بأنه ذكر ليس أنثى، واسمه مطابق للكلمة المصرية التي معناها "الوجود"، وقد نراه أحياناً كالصقر ممثلاً بجناحين منشورين رمزاً للشمس، وأخذ يصور رب الشمس "رع" في الصباح، والذي لعب دوراً واسعاً في المعتقدات، وفي بناء فكر الديانة الشمسية، لإرتباطه بشروق الشمس في الصباح.